وأنا أقرأ هاتين القصتين ، شعرت بنوع من الخجل حول أمي ، لأن هذا المخلوق الرباني الذي يسمى الأم ، مهما قدمنا له من خدمات - هي أصلا واجبة في حقها - فستبقى خدماتنا لا تساوي في الوزن جناح بعوضة . فعفوا يا أمي إن وجدت تقصيرا مني فيك ، فأنت القلب الكبير الذي يستوعب كل زلاتي .
- ( القصة الأولى ) -
حفلت ترجمة عبدالله بن المبارك بقصة عجيبة :
ذهب إلى الحج ، فغفى غفوة على جبل عرفات ، فرأى أنه في المنام قائلا يقول :
- ( كل الناس مغفور لهم إلا محمد الخرساني )
فلما استيقظ اتجه إلى مكان وجود الخرسانيين في الحج ، فسأل عن محمد الخرساني ، فقيل له :
- ( إنه رجل صوام نهار ، قوام ليل ، ولن تجده إلا راكعا أو ساجداً أو ذاكراً )
فلما أتاه ، وجده يصلي والدموع تنهمر من لحيته ، فقال له لما انتهى من صلاته :
- ( بالله عليك أخبرني ، ما الذي فعلته فإني رأيت في المنام كذا وكذا ؟
فقال محمد الخرساني :
- ( أتيت يوماً إلى بيتي وأنا سكران - قبل أن أتوب - فوجدت أمي تصيح في وجهي وتؤنبني ، فهممت بها فوضعتها في التنوردون أن أعي ، فلما أفقت أخبرتني زوجتي بما فعلت ، فأسرعت إلى التنور فوجدتها رماداً ؛ لم يبقى منها شيء . وانا اليوم نادم على ما فعلت . وهذه هي المرة الثلاثين التي أحج فيها ، وفي كل حجة يخبرنا رجل من العلماء بتلك الرؤيا ) .
فعاد محمد بن المبارك ، فصلى وبكى ، ودعا له على جبل عرفات . فلما نام ، إذ رأى في المنام قائلا يقول :
- ( كل الناس مغفوراً لهم ، حتى محمد الخرساني )
فحكى له ذلك ، ففرح فرحاً شديدا .
- ( القصة الثانية ) -
وهي قصة أم ، كانت تأخذ ولدها يوميا إلى المدرسة ، وكان الإبن يكره هذا التصرف كرها شديدا ، لأن أصحابه كانوا يُعَيٌِرونه بأمه العوراء ، فقد كانت فاقدة لأحدى عينيها .
ومرة نهرها وصاح في وجهها : ( ابتعدي عني أيتها العوراء ولا تأتي معي بعد اليوم إلى المدرسة . )
وهرب من تلك المدينة ، لما كانوا يقولون له وينعتونه بولد العوراء . فلما كبر وتزوج ، وأنجب الأطفال تذكر أمه بعد سنين طويلة ، فبحث عنها فوجدها على فراش الموت . فطلب منها السماح ، فسامحته وقالت له :
- ( ياولدي ، سأحكي لك قصة أودعك بها من هذه الحياة )
فقال لها :
- ( احكي يا أمي )
فقالت :
- ( بينما أنا أسير معك ذات يوم إلى المدرسة ، وأنت صغير جدا ، إلتوت قدمك فسقطت على وجهك ، فدخل غصن في عينيك فأتلفها ، فأخدتك إلى الطبيب فقال لي :
- يوجد أمل في شفاء عينيه ، ولكن باستبدالها . ولن نجد في هذا الزمان من يضحي بعينيه ؛ ولو بالآف الدراهم .
فقالت له الأم :
- أنا أعطيه إحدى عيني .
فأجريت العملية بنجاح ، فصرت أنت بعين وأنا بدونها )
وأسلمت الأم الروح إلى خالقها ، والولد مندهش من حكايتها الأخيرة .
عن جريدة المحجة العدد 319 .
- ( القصة الأولى ) -
حفلت ترجمة عبدالله بن المبارك بقصة عجيبة :
ذهب إلى الحج ، فغفى غفوة على جبل عرفات ، فرأى أنه في المنام قائلا يقول :
- ( كل الناس مغفور لهم إلا محمد الخرساني )
فلما استيقظ اتجه إلى مكان وجود الخرسانيين في الحج ، فسأل عن محمد الخرساني ، فقيل له :
- ( إنه رجل صوام نهار ، قوام ليل ، ولن تجده إلا راكعا أو ساجداً أو ذاكراً )
فلما أتاه ، وجده يصلي والدموع تنهمر من لحيته ، فقال له لما انتهى من صلاته :
- ( بالله عليك أخبرني ، ما الذي فعلته فإني رأيت في المنام كذا وكذا ؟
فقال محمد الخرساني :
- ( أتيت يوماً إلى بيتي وأنا سكران - قبل أن أتوب - فوجدت أمي تصيح في وجهي وتؤنبني ، فهممت بها فوضعتها في التنوردون أن أعي ، فلما أفقت أخبرتني زوجتي بما فعلت ، فأسرعت إلى التنور فوجدتها رماداً ؛ لم يبقى منها شيء . وانا اليوم نادم على ما فعلت . وهذه هي المرة الثلاثين التي أحج فيها ، وفي كل حجة يخبرنا رجل من العلماء بتلك الرؤيا ) .
فعاد محمد بن المبارك ، فصلى وبكى ، ودعا له على جبل عرفات . فلما نام ، إذ رأى في المنام قائلا يقول :
- ( كل الناس مغفوراً لهم ، حتى محمد الخرساني )
فحكى له ذلك ، ففرح فرحاً شديدا .
- ( القصة الثانية ) -
وهي قصة أم ، كانت تأخذ ولدها يوميا إلى المدرسة ، وكان الإبن يكره هذا التصرف كرها شديدا ، لأن أصحابه كانوا يُعَيٌِرونه بأمه العوراء ، فقد كانت فاقدة لأحدى عينيها .
ومرة نهرها وصاح في وجهها : ( ابتعدي عني أيتها العوراء ولا تأتي معي بعد اليوم إلى المدرسة . )
وهرب من تلك المدينة ، لما كانوا يقولون له وينعتونه بولد العوراء . فلما كبر وتزوج ، وأنجب الأطفال تذكر أمه بعد سنين طويلة ، فبحث عنها فوجدها على فراش الموت . فطلب منها السماح ، فسامحته وقالت له :
- ( ياولدي ، سأحكي لك قصة أودعك بها من هذه الحياة )
فقال لها :
- ( احكي يا أمي )
فقالت :
- ( بينما أنا أسير معك ذات يوم إلى المدرسة ، وأنت صغير جدا ، إلتوت قدمك فسقطت على وجهك ، فدخل غصن في عينيك فأتلفها ، فأخدتك إلى الطبيب فقال لي :
- يوجد أمل في شفاء عينيه ، ولكن باستبدالها . ولن نجد في هذا الزمان من يضحي بعينيه ؛ ولو بالآف الدراهم .
فقالت له الأم :
- أنا أعطيه إحدى عيني .
فأجريت العملية بنجاح ، فصرت أنت بعين وأنا بدونها )
وأسلمت الأم الروح إلى خالقها ، والولد مندهش من حكايتها الأخيرة .
عن جريدة المحجة العدد 319 .