حاوره عبد اللطيف لغزال
منحت لجنة علمية تتكون من الأستاذ المشرف والأساتدة المناقشين شهادة الدكتوراة بميزة مشرف جدا مع تنويه خاص للطالب عبد العالي عبد العالي قادةقادا، على بحثه حول “الرسائل السياسية الأندلسية خلال القرن الخامس الهجري مقاربة حجاجية”. وجرت أطوار المناقشة برحاب كلية اللغة بمراكش. وتكونت اللجنة من قيدوم الكلية حسن جلاب والدكتور أحمد قادم والدكتور علي متقي والدكتورمحمد زهير.
موقع ” تساوت” التقى عبد العالي قادا وهنأه بالمناسبة فكان الحوار التالي:
في تعريف بسيط من هو عبد العالي قادا؟
مواطن مغربي سرغيني، أستاذ الثانوي التأهيلي بثانوية مولاي إسماعيل التأهيلية، متزوج وأب لطفلين (أسأل الله أي يصلحهما ويبارك فيهما).
ـ لماذا المقاربة الحجاجية؟
هناك مجموعة من الدوافع لاختيار هذه المقاربة أحددها فيما يلي:
*الدافع الفكري: عرف العالم في العقود الأخيرة تقلبات سياسية وثقافية واجتماعية… شرعت أبواب الاختلاف، وفتحت فضاءات الخطابات والخطابات المضادة، فكشفت العقلانية الديكارتية عن محدوديتها وعجزها عن استيعاب إشكالات العصر، لتتوالى عليها الضربات والانتقادات التي أدت إلى انهيارها في أفق تأسيس أنساق جديدة مغايرة تقوم على الاختلاف والتعدد.
واليوم إذا كانت بعض العقليات المبنية على الصدام والاستقواء أصرت على تأزيم الواقع من خلال تقسيم العالم إلى أصدقاء وأعداء، أو مؤمنين وكفرة، أو أنصار الخير ومحاور الشر… فإن هذا الفصل القاطع لم يقد إلا إلى الهلاك والخراب، لأنه يقوم على الاستبداد والطغيان والقهر، أو الاستئصال والإقصاء والإرهاب.
ومن هنا تبرز أهمية الطرح التداولي –والحجاجي بشكل خاص- الذي يسعى إلى فتح آفاق للتعايش والتشارك والحوار بين الذات والآخر أخذا وعطاء، تأثيرا وتأثرا، إقناعا واقتناعا، فالأفكار والآراء لم تعد –من المنظور التداولي- مقولات مطلقة ومقدسة، أو مثلا مجردة لحقائق نهائية، أو مفاهيم محضة لماهيات تابثة، بل غدت مجرد خبرات بشرية تخضع للتجديد والتغيير، وإمكانية من الإمكانيات المطروحة للحوار والنقاش، مما يشجع على الخلق والابتكار والإنجاز، ويقوي فاعلية الأفراد والجماعات، ويكرس فكرا تداوليا يتشكل من خلال التعدد والتقاطع والتفاعل بين الأنماط والأنساق والنماذج والمناهج.
*الدوافع الأدبية:
-أولا: كون بلاغة الإقناع أو الحجاج مهد البلاغة القديمة ومنطلقها في مجتمع يوناني اكتسب فيه القول سلطة وقوة، وتحكم في طبيعة العلاقات بين أفراده وجماعاته خلال القرن الخامس قبل الميلاد، حيث برز السفسطائيون باعتبارهم معلمي خطابة، جاعلين سلطة القول الخطابي أعلى سلطة لتحقيق الاعتقاد وبناء المعرفة، فربطوه بمطالب الحياة، واستغلوه لتوجيه الرأي العام. ثم جاء التصور الأفلاطوني متصديا لهم، فربط الإقناع بالفلسفة وبالحقيقة وبقيم العدل والخير، لينظر بعده أرسطو لتصور حجاجي متكامل ميز فيه بين الجدل والخطابة والتبكيت.
- ثانيا: كون بلاغة الإقناع كذلك مصدر انبعاث البلاغة الحديثة بعد قرون طويلة انحصرت فيها في الصورة والمحسنات الأسلوبية، حتى نعتت بالاختزال والموت. فجاء المشروع الحجاجي لبيرلمان وتيتيكاه سنة 1958 ليؤسس لخطابة جديدة تستلهم الروح الأرسطية، فتوالت بعده الدراسات الحجاجية التي نهلت من حقول معرفية فلسفية ومنطقية ولسانية واجتماعية ونفسية…
- ثالثا: بروز محطة عربية إسلامية بين محطتي النشأة والانبعات الغربيتين، حيث تؤكد إسهامات الجاحظ وابن وهب وعبد القاهر الجرجاني والسكاكي وحازم القرطاجني.. ناهيك عن القراءات الخلاقة لفلاسفة الإسلام للمتن الأرسطي، والتي أخضعته إلى خصوصية التراث العربي الإسلامي الحضور الكبير لمقومات الخطاب الإقناعي في البلاغة العربية القديمة.
ـ لماذا الرسائل السياسية الأندلسية؟
لأسباب عدة أهمها غنى التراث الأندلسي بشكل عام، وأدب الرسائل بشكل خاص، وتميزه بالثراء اللغوي والفني والأدبي.. بالإضافة إلى وقوف جل الدراسات الأدبية والنقدية التي تناولت هذا الأدب عند الوصف أو التأريخ أو التحليل الفني العام دون الخوض في خصائصه التخاطبية. وكذلك لأن جل الدراسات الحجاجية العربية، على ندرتها، ركزت على الخطبة والمناظرة باعتبارهما جنسين حجاجيين بارزين، وتقديمنا لمقاربة حجاجية للرسائل السياسية قد يشكل قيمة مضافة لهذه الأبحاث والدراسات.
ولما كانت الرسائل السلطانية والديوانية والإخوانية والأدبية بالأندلس خلال القرن الهجري الخامس تقدم مادة تراثية ضخمة تصعب الإحاطة بها في هذا البحث، فقد اخترنا الرسائل السياسية تركيزا للجهد، وسعيا إلى تحقيق نتائج دقيقة وخلاصات قيمة، وقد حُكم هذا الاختيار باعتبارين اثنين: أولهما يكمن في كون الخطاب السياسي خطابا إقناعيا بالضرورة، وإن كانت طبيعته النفعية تدفعه في كثير من الأحيان إلى توظيف أساليب التضليل والمغالطة. وثانيهما يتجلى في تعدد العلاقات وتنوعها وتضاربها في الممالك والإمارات الأندلسية خلال القرن الهجري الخامس، مما سيضفي على الخطاب السياسي في هذه المرحلة دينامية وتفاعلا كبيرين، وسيثريه بآليات التواصل والحجاج، وبأساليب الإعناث والمغالطة.
ـ لماذا القرن الهجري الخامس؟
لقد حظي هذا القرن باهتمام كبير من طرف المؤرخين والنقاد والأدباء.. بوصفه قرنا غنيا بالأحداث السياسية المعقدة التي أذكى جذوتها ملوك الطوائف، وبالإنجازات الأدبية التي أنتجت في قصورهم وبلاطاتهم، فشكل هذا القرن ذروة الازدهار العلمي والأدبي بالأندلس وبلغ فيه أدب الرسائل مرحلة النضج والاكتمال. لكل هذه الاعتبارات اخترناه نطاقا زمنيا لموضوع بحثنا.
ـ من أشرف على رسالة الدكتورة ؟
لقد كان من حظ البحث الذي أنجزته أن أشرف عليه دكتوران جليلان يمثلان جيلين مختلفين في الجامعة المغربية، جيل التأسيس ووضع اللبنات الأولى للبحث العلمي الجامعي بالمغرب ويمثله الدكتور الفاضل الأستاذ حسن جلاب عميد كلية اللغة العربية بمراكش. وجيل الامتداد والحفاظ على المكتسبات ويمثله الدكتور الأستاذ أحمد قادم الذي لولا تشجيعه وحفزه وتقويمه للبحث في مختلف مراحله وخطواته، ما كان له أن يتجاوز الصعوبات، والذي تجاوزت علاقتي به الإشراف إلى علاقة إنسانية أرقى وأرحب.
ـ ماذا بعد الدكتوراه؟
تعد هذه الشهادة خطوة أولى فقط في طريق البحث العلمي، أحس أنني الآن فقط بدأت، ومشاريع علمية كثيرة إن شاء الله في انتظاري.
منحت لجنة علمية تتكون من الأستاذ المشرف والأساتدة المناقشين شهادة الدكتوراة بميزة مشرف جدا مع تنويه خاص للطالب عبد العالي عبد العالي قادةقادا، على بحثه حول “الرسائل السياسية الأندلسية خلال القرن الخامس الهجري مقاربة حجاجية”. وجرت أطوار المناقشة برحاب كلية اللغة بمراكش. وتكونت اللجنة من قيدوم الكلية حسن جلاب والدكتور أحمد قادم والدكتور علي متقي والدكتورمحمد زهير.
موقع ” تساوت” التقى عبد العالي قادا وهنأه بالمناسبة فكان الحوار التالي:
في تعريف بسيط من هو عبد العالي قادا؟
مواطن مغربي سرغيني، أستاذ الثانوي التأهيلي بثانوية مولاي إسماعيل التأهيلية، متزوج وأب لطفلين (أسأل الله أي يصلحهما ويبارك فيهما).
ـ لماذا المقاربة الحجاجية؟
هناك مجموعة من الدوافع لاختيار هذه المقاربة أحددها فيما يلي:
*الدافع الفكري: عرف العالم في العقود الأخيرة تقلبات سياسية وثقافية واجتماعية… شرعت أبواب الاختلاف، وفتحت فضاءات الخطابات والخطابات المضادة، فكشفت العقلانية الديكارتية عن محدوديتها وعجزها عن استيعاب إشكالات العصر، لتتوالى عليها الضربات والانتقادات التي أدت إلى انهيارها في أفق تأسيس أنساق جديدة مغايرة تقوم على الاختلاف والتعدد.
واليوم إذا كانت بعض العقليات المبنية على الصدام والاستقواء أصرت على تأزيم الواقع من خلال تقسيم العالم إلى أصدقاء وأعداء، أو مؤمنين وكفرة، أو أنصار الخير ومحاور الشر… فإن هذا الفصل القاطع لم يقد إلا إلى الهلاك والخراب، لأنه يقوم على الاستبداد والطغيان والقهر، أو الاستئصال والإقصاء والإرهاب.
ومن هنا تبرز أهمية الطرح التداولي –والحجاجي بشكل خاص- الذي يسعى إلى فتح آفاق للتعايش والتشارك والحوار بين الذات والآخر أخذا وعطاء، تأثيرا وتأثرا، إقناعا واقتناعا، فالأفكار والآراء لم تعد –من المنظور التداولي- مقولات مطلقة ومقدسة، أو مثلا مجردة لحقائق نهائية، أو مفاهيم محضة لماهيات تابثة، بل غدت مجرد خبرات بشرية تخضع للتجديد والتغيير، وإمكانية من الإمكانيات المطروحة للحوار والنقاش، مما يشجع على الخلق والابتكار والإنجاز، ويقوي فاعلية الأفراد والجماعات، ويكرس فكرا تداوليا يتشكل من خلال التعدد والتقاطع والتفاعل بين الأنماط والأنساق والنماذج والمناهج.
*الدوافع الأدبية:
-أولا: كون بلاغة الإقناع أو الحجاج مهد البلاغة القديمة ومنطلقها في مجتمع يوناني اكتسب فيه القول سلطة وقوة، وتحكم في طبيعة العلاقات بين أفراده وجماعاته خلال القرن الخامس قبل الميلاد، حيث برز السفسطائيون باعتبارهم معلمي خطابة، جاعلين سلطة القول الخطابي أعلى سلطة لتحقيق الاعتقاد وبناء المعرفة، فربطوه بمطالب الحياة، واستغلوه لتوجيه الرأي العام. ثم جاء التصور الأفلاطوني متصديا لهم، فربط الإقناع بالفلسفة وبالحقيقة وبقيم العدل والخير، لينظر بعده أرسطو لتصور حجاجي متكامل ميز فيه بين الجدل والخطابة والتبكيت.
- ثانيا: كون بلاغة الإقناع كذلك مصدر انبعاث البلاغة الحديثة بعد قرون طويلة انحصرت فيها في الصورة والمحسنات الأسلوبية، حتى نعتت بالاختزال والموت. فجاء المشروع الحجاجي لبيرلمان وتيتيكاه سنة 1958 ليؤسس لخطابة جديدة تستلهم الروح الأرسطية، فتوالت بعده الدراسات الحجاجية التي نهلت من حقول معرفية فلسفية ومنطقية ولسانية واجتماعية ونفسية…
- ثالثا: بروز محطة عربية إسلامية بين محطتي النشأة والانبعات الغربيتين، حيث تؤكد إسهامات الجاحظ وابن وهب وعبد القاهر الجرجاني والسكاكي وحازم القرطاجني.. ناهيك عن القراءات الخلاقة لفلاسفة الإسلام للمتن الأرسطي، والتي أخضعته إلى خصوصية التراث العربي الإسلامي الحضور الكبير لمقومات الخطاب الإقناعي في البلاغة العربية القديمة.
ـ لماذا الرسائل السياسية الأندلسية؟
لأسباب عدة أهمها غنى التراث الأندلسي بشكل عام، وأدب الرسائل بشكل خاص، وتميزه بالثراء اللغوي والفني والأدبي.. بالإضافة إلى وقوف جل الدراسات الأدبية والنقدية التي تناولت هذا الأدب عند الوصف أو التأريخ أو التحليل الفني العام دون الخوض في خصائصه التخاطبية. وكذلك لأن جل الدراسات الحجاجية العربية، على ندرتها، ركزت على الخطبة والمناظرة باعتبارهما جنسين حجاجيين بارزين، وتقديمنا لمقاربة حجاجية للرسائل السياسية قد يشكل قيمة مضافة لهذه الأبحاث والدراسات.
ولما كانت الرسائل السلطانية والديوانية والإخوانية والأدبية بالأندلس خلال القرن الهجري الخامس تقدم مادة تراثية ضخمة تصعب الإحاطة بها في هذا البحث، فقد اخترنا الرسائل السياسية تركيزا للجهد، وسعيا إلى تحقيق نتائج دقيقة وخلاصات قيمة، وقد حُكم هذا الاختيار باعتبارين اثنين: أولهما يكمن في كون الخطاب السياسي خطابا إقناعيا بالضرورة، وإن كانت طبيعته النفعية تدفعه في كثير من الأحيان إلى توظيف أساليب التضليل والمغالطة. وثانيهما يتجلى في تعدد العلاقات وتنوعها وتضاربها في الممالك والإمارات الأندلسية خلال القرن الهجري الخامس، مما سيضفي على الخطاب السياسي في هذه المرحلة دينامية وتفاعلا كبيرين، وسيثريه بآليات التواصل والحجاج، وبأساليب الإعناث والمغالطة.
ـ لماذا القرن الهجري الخامس؟
لقد حظي هذا القرن باهتمام كبير من طرف المؤرخين والنقاد والأدباء.. بوصفه قرنا غنيا بالأحداث السياسية المعقدة التي أذكى جذوتها ملوك الطوائف، وبالإنجازات الأدبية التي أنتجت في قصورهم وبلاطاتهم، فشكل هذا القرن ذروة الازدهار العلمي والأدبي بالأندلس وبلغ فيه أدب الرسائل مرحلة النضج والاكتمال. لكل هذه الاعتبارات اخترناه نطاقا زمنيا لموضوع بحثنا.
ـ من أشرف على رسالة الدكتورة ؟
لقد كان من حظ البحث الذي أنجزته أن أشرف عليه دكتوران جليلان يمثلان جيلين مختلفين في الجامعة المغربية، جيل التأسيس ووضع اللبنات الأولى للبحث العلمي الجامعي بالمغرب ويمثله الدكتور الفاضل الأستاذ حسن جلاب عميد كلية اللغة العربية بمراكش. وجيل الامتداد والحفاظ على المكتسبات ويمثله الدكتور الأستاذ أحمد قادم الذي لولا تشجيعه وحفزه وتقويمه للبحث في مختلف مراحله وخطواته، ما كان له أن يتجاوز الصعوبات، والذي تجاوزت علاقتي به الإشراف إلى علاقة إنسانية أرقى وأرحب.
ـ ماذا بعد الدكتوراه؟
تعد هذه الشهادة خطوة أولى فقط في طريق البحث العلمي، أحس أنني الآن فقط بدأت، ومشاريع علمية كثيرة إن شاء الله في انتظاري.