إعداد المعلم وتأهيله في المدرسة التربوية الحديثة
إعداد: الدكتور محمد عوض الترتوري
دكتوراه أصول التربية
عمان - الأردن
تمهيد
منذ أكثر من ألف عام قال سيسترو (إن أعظم هبة يمكن أن نقدمها للمجتمع؛ هي تعليم أبنائه)… ويبدو أن كلماته ما زالت تعبر عن مشاعر إنسانية رفيعة، فالمعلم، منذ أن وجد التعليم، ما زال يقدم خدمة مهنية لأمته من خلال تمكين التلاميذ من اكتساب المعارف والمثل العليا، وتذوق معنى الحرية، والمسؤولية، ومن خلال تمكينهم من اكتساب مهارات التفكير الناقد، والمواطنة الصالحة، وإذا ما قيل بأن مستقبل الأمة ومصيرها إنما يكونان في أيدي أولئك الذين يربون أجيالها الناشئة، فلن يكون ذلك القول بعيداً عن الصحة، إن لم يكن مطابقاً لها، ومن هنا كانت مكانة المعلم بين الأمم مكانة رفيعة جداً، ولعل أرفع ما وصلت إليه هذه المكانة.. وهي ما قررته الثقافة العربية عبر تاريخها تجاه المعلم، فكانت مكانة المعلم في التراث العربي الإسلامي مكانة تعبر عن عظيم تقدير الأمة للمعلم، كما أنها مكانة مستمدة من العقائد والقيم الدينية التي تنتمي إليها الأمة العربية، وتفخر بها، باعتبارها قيماً إنسانية حضارية لا تقتصر على عرق أو جنس أو لون. (الترتوري والقضاه، 2006).
التعليم كمهنة
يلعب المعلم دوراً بالغ الأهمية والخطورة في عملية التعلم والتعليم، ويتعدى دوره ذلك إلى العملية التربوية كلها، وبالتالي إلى عمليات التنشئة الاجتماعية، ومن هنا تأتي أهمية المعلم في المجتمع، وتبرز العناية به وتقديره كإنسان وكمواطن وكمهني، بالدرجة الأولى.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن بسرعة، هل يحظى المعلم بالتقدير والاحترام والرعاية والإعداد بالمقدار والنوعية التي يفرضها دوره المهم في عمليات التعلم والتعليم والتربية والتنشئة الاجتماعية؟ وبتعبير آخر، هل يعطي المجتمع، بمؤسساته المختلفة الرسمية وغير الرسمية، اهتماماً حقيقياً كافياً للمعلم يتناسب وأهميته العظمى في المجتمع؟ هل يتناسب مقدار اعترافنا ونوعية تقديرنا للمعلم مع مقدار ونوعية مساهمته وإنجازه في المجتمع؟ هل يتمتع المعلم بامتيازات معينة مادية ومعنوية مكافأة له على عمله العظيم في بناء المجتمع وتقدمه؟ (خصاونة، 1978).
أخلاقيات مهنة التعليم من منظور عالمي
اتجهت المؤسسات التربوية والجمعيات الأكاديمية المعنية بالتعليم إلى إرساء مبادئ أساسية تعتبر أخلاقيات مهنة التعليم في آفاقها العالمية، إذ أن معظم الأنظمة التربوية في مختلف المجتمعات، المتقدمة منها والنامية، تتفق على مبادئ أساسية لمهنة التعليم، ويمكن إيجازها على النحو التالي (الترتوري والقضاه، 2006):
1- المبدأ الأول: إن المسؤولية الأساسية لمهنة التعليم تكمن في إرشاد الأطفال، والشباب والكبار طلباً للمعرفة، واكتساباً للمهارات، وإعدادهم للحياة الكريمة الهادفة التي تمكنهم من التمتع بحياتهم بكرامة وتحقيق ذاتهم في الحياة. وهذا يتطلب من المعلم:
أ. أن يعامل التلاميذ بالمساواة دون تحيز بسبب اتجاه حزبي، أو عقيدة دينية، أو مكانة اجتماعية- اقتصادية.
ب. أن يميز الفروق الفردية بين التلاميذ من أجل تلبية حاجاتهم الفردية.
ج. أن يشجع التلاميذ للعمل من أجل تحقيق أهداف عالية في الحياة، تتناسب مع نموهم المتكامل.
د. أن يحترم حق كل تلميذ في الحصول على المعلومات الصحيحة وحسن الإفادة منها في حياته المستقبلية.
2- المبدأ الثاني: إن مسؤولية المعلمين تكمن في مساعدة التلاميذ على تحديد أهدافهم الخاصة وتوجيهها نحو أهداف مقبولة اجتماعياً، وهذا يتطلب من المعلم:
• أن يحترم مسؤولية الآباء تجاه أبنائهم.
• أن يبني علاقات ودية مع الآباء من أجل تكامل نمو التلاميذ.
• أن يحرص على تزويد الآباء بالمعلومات الأمينة عن أبنائهم.
• أن ينمي في التلاميذ روح الثقة بالبيت والمجتمع والمدرسة.
3- المبدأ الثالث: تحتل مهنة التعليم مكانة ذات مسؤولية هامة تجاه المجتمع والأفراد من حيث السلوك الاجتماعي والفردي، وهذا يتطلب من المعلم:
• أن يلتزم بالسلوك الاجتماعي المقبول في المجتمع.
• أن يقوم بواجبات المواطنة الصحيحة، ليكون قدوة المجتمع المحلي وأفراده في تلك الواجبات.
• أن يعالج القضايا الاجتماعية والأساسية التي تهم مجتمعه بموضوعية منسجماً مع قيم المجتمع ومثله.
• أن يدرك أن المدرسة، باعتبارها مؤسسة تربوية، إنما هي ملك للمجتمع، وأن دوره أن يحافظ على المكانة الرفيعة لهذه المؤسسة ومستوى خدماتها للمجتمع.
4- المبدأ الرابع: تتميز مهنة التعليم عن غيرها من المهن الأخرى بنوعية العلاقات الإنسانية التي تسود جوها العملي، ورفعة هذه العلاقات. وهذا يتطلب من المعلم:
• أن يعامل زملاءه ي المهنة بنفس الروح الإيجابية التي يجب أن يعامل بها.
• أن يكون صادقاً وإيجابياً في التعامل مع مؤسسته التربوية.
• أن يحافظ على علاقات مهنية مع زملائه ومع المنظمات والجمعيات التربوية من أجل رفعة مهنة التعليم وتحقيق مكانة أرفع لها.
• أن يُعنى بالنمو المهني المستمر من أجل الإسهام في تطوير النظام التعليمي الذي يعمل في إطاره (جرادات وآخرون، 1983).
صفات المعلم الجيد
• تكامل الصفات الشخصية المستقيمة من حضور الذهن والدقة في الأداء وحسن التصرف، ليكون قادراً على الاعتماد على حواسه، وصحته وحيويته، لأن هذا العمل المستمر يتطلب الجهد والحرص والهمة العالية والمثابرة.
• الحب والرغبة الأكيدة للعمل في هذه المهنة، لأن الإكراه على العمل في هذه المهنة يولد التبلد في الإحساس والشعور. والرغبة المستمر في ترك هذه المهنة بشتى الطرق.
• الإلمام والوعي بالثقافة العامة، والمعرفة بالبيئة الاجتماعية التي تحيط به، لأن الضحالة في هذه الأمور تجعل المعلم لا يمكن أن يعطي شيئا يذكر، وسيظل دائما في دوامة الفراغ الثقافي، ولأن هذه المهنة لا تقبل أبدا هذا النوع من المعلمين.
• المحبة الدائمة للطلاب والمعاملة الحسنة، الممزوجة بالصدق والأمانة، والمرونة معهم في المواقف التي تتطلب ذلك، للوصول إلى الأهداف التربوية الموضوعة.
• وقبل كل شيء الإخلاص ومراعاة الله عز وجل، في حمل هذه الأمانة وتوصيلها بكل تفاني للأجيال (آل إبراهيم، 1997).
أهمية مهنة التعليم
ازداد الاهتمام بمهنة التعليم، فقد عنيت كافة الجماعات والمعاهد والمراكز الخاصة بإعداد المعلم تخصصياً ومهنياً وثقافياً وتدريبياً، وذلك بإيجاد برامج تزوده بالمعارف التربوية والتعليمية، وإكسابه المهارات المهنية من أجل تفعيل قدراته ومواهبه، حتى يقوم بالدور المطلوب منه على أكمل وجه (الترتوري والقضاه، 2006).
إعداد المعلم وتأهيله لمهنة التعليم
1- الإعداد التخصصي:
ويُقصد به إعداد المعلم ليكون ملماً بفرع من فروع المعرفة، وهذا لا يتم إلا في الكليات الجامعية. فالمعلم لا يمكن أن يؤدي دوره التعليمي بالشكل المطلوب ما لم يتمكن من العلم الذي سيقوم بتعليمه في المستقبل.
ومن ناحية أخرى لا بد أن نجعل أسلوب التفكير والإبداع هو الهدف. وهنا يجب استخدام المعرفة كوسيلة لهذا التفكير والإبداع، فالتفكير والإبداع هما وسيلتان لنمو المعارف لدى المعلم، وعليهما تستند قدرات ومهارات المعلم العلمية (الترتوري والقضاه، 2006).
2- الإعداد المهني:
يعتبر الإعداد المهني أهم ركيزة من ركائز إعداد المعلم، حيث يهدف إلى تكوين وصقل شخصيته ليكون قادراً على أداء مهمته التربوية والتعليمية في توجيه وإرشاد الطلاب. ونقترح في هذا الجانب هدفين للإعداد المهني للمعلم:
أ. الاستيعاب الكامل لحقيقة العملية التربوية والتعليمية وأهدافها حتى يتمكن من التأثير الإيجابي في الطلاب وفقاً للأهداف المقررة.
ب. الاستيعاب الكامل لاحتياجات الطلبة المختلفة، وقدراتهم ومعرفة الفروق الفردية وإمكاناتهم.
وكذلك نقترح هنا بعض البرامج لإعداد المعلم مهنياً:
• تزويد المعلمين بحصيلة فكرية من المعلومات والمفاهيم الأساسية في علم النفس التربوي كالطفولة والمراهقة والفروق الفردية ونظريات التعلم.
• معرفة أساليب الربط بين الخبرات الدراسية والوسائل التي تحقق ذلك، حتى يستطيع أن يؤدي مهنته على مستوى طيب من الأداء.
• إلمام المعلمين بقدر كاف من المعلومات والخبرات التي تتعلق بالبيئة المدرسية بمراحلها المختلفة من حيث الأهداف والوظائف.
• معرفة أهمية الوسائل التعليمية لاستخدامها في الأوقات المناسبة.
• دراسة أساليب التقييم المختلفة.
• التعرف على أساليب التوجيه والجوانب التي يمكن أن يتم فيها هذا التوجيه.
• التدريب المستمر على الأسلوب العلمي في التفكير والإبداع والقدرة على حل المشكلات.
• إن الإعداد المهني يهدف إلى إكساب المعلم القدرة على استخدام الوسائل. وأن يستفيد من التجارب، وعليه فإن المعلم لا بد أن يُعدّ الإعداد الجيد قبل ممارسة المهنة.
3- الإعداد الثقافي:
تنتقل الثقافة من جيل إلى جيل عن طريق التعلم والتعليم، وهي مكتسبة يتم تعلمها من قبل الصغار والكبار، وهي كذلك متغيرة بحكم تطور المجتمعات الإنسانية، فأهميتها للمعلم ترجع إلى (الترتوري والقضاه، 2006):
أ. القدرة على حسن الاختيار من بين العناصر الثقافية ليستخدمها بصورة تؤثر في الفرد. حيث أن الحقائق والقوانين والأفكار الاجتماعية والمعاني والقيم والنظريات تنتقى من الثقافة، لذلك فإن هذا كله يستلزم من المعلم الوعي والتمييز، حتى لا يعطي الطلاب المفاهيم الخاطئة.
ب. القدرة على حل المشكلات التي تعتري العملية التربوية لدى الطلاب، وهذا بدوره يؤدي إلى تسهيل عملية التربية والتوجيه.
ج. تعطي المعلم معلومات عن البيئة التي يعيش فيها وعن العالم المحيط به.
د. تمكنه من الإلمام بالموضوعات المتنوعة حتى يستطيع الإجابة عليها.
فإذا أعد المعلم الإعداد الثقافي بالشكل المطلوب، فإنه يكون ذا تفكير وأفق واسع ومدرك، وأقدر على استخدام الأدوات المهنية بكفاءة عالية، وكذلك أقدر على اكتشاف الفروق الفردية لدى الطلاب، ليكون مصدر ثقة واحترام بالنسبة إلى الطلاب لينجذبوا نحوه ويؤثر كل ذلك في زيادة تحصيلهم، والقدرة على تفعيلهم.
4- الإعداد التدريبي:
يعمل التدريب المستمر للمعلم على رفع قدراته ومهاراته ومستواه التحصيلي نظرياً وعملياً، ويكون قادراً على تأدية مهنته بجدارة.
فكلما دُرّب المعلم التدريب الصحيح وأعطي معلومات ومفاهيم جديدة تفيده في مهنته، أصبح عطاؤه مثمراً ذا نتيجة ومردود حسن على الطلاب. لأنه من خلال التدريب يتلقى الجديد والمفيد لتطوير نفسه أولاً، ويحسن من أدائه في مهنته ثانياً.
وهذا التدريب الحالي للمعلمين أيا كانت الجهة التربوية التي تعقده لا يؤدي المطلوب، ولا يحقق النتائج المرجوة من عملية التدريب للمعلم، لأن طريقته –من وجهة نظرنا- مملة وروتينية ينبغي إعادة النظر فيها، وترتيب عملية التدريب، لنتمكن بعد ذلك من تمهين التعليم ونحن مطمئنون على وضع المعلم (آل إبراهيم، 1997).
تدريب المعلمين في المدرسة الحديثة
إعداد وتدريب المعلم قديم في الثقافة العربية الإسلامية، وتركز الآن المؤسسات الحديثة التي وردت إلينا من العالم الغربي وأقمناها في العالم العربي على مسميات مختلفة فيما يتعلق بتدريب المعلمين، مثل "دار المعلمين"، و"معهد التربية للمعلمين"، و "كلية التربية"، وغيرها من المسميات، والملاحظ أنه في الوقت الذي تطورت فيه النظرية التربوية بدرجة كبيرة في العالم الغربي وشمل ذلك مفهوم إعداد المعلم، (Fullan, 1992) فإن معظم المؤسسات التربوية في العالم العربي ظلت تعمل بصورة تقليدية من خلال مفهومي المنهج والتخصص، وأصبح إعداد المعلم يعني إكمال برنامج محدد في دراسة المادة التخصصية، وطرق التدريس وبعض نظريات علم النفس، ثم الحصول على الشهادة أو الدرجة الجامعية التي تؤكد ذلك ليصبح الدارس بعدها معلماًَ مرخصاً له بممارسة المهنة ومعترفاً بقدراته الأساسية في هذا المجال.
وتقوم نظرية إعداد المعلم في العالم العربي على نظرية الاتصال التي حدد إطارها "رومان جاكبسون" واختصرها في ثلاثة مسميات: المرسل- والرسالة- والمرسل إليه، فالمعلم هو المرسل، والرسالة هي مادة التعليم والمرسل إليه هو التلميذ الذي يتلقى رسالة المعلم (الترتوري والقضاه، 2006).
وتعمل هذه النظرية في إطار ميكانيكي يتجاهل حقيقة أن المعلمين يتفاوتون في قدراتهم العلمية واستعداداتهم النفسانية، كما يتجاهل حقيقة مادة التعليم ذاتها والإطار الذي تتم فيه والتباين الواضح بين التلاميذ ودرجة استعداداتهم في التلقي، بل والتفاعل مع المادة العلمية التي يتلقونها، وأيضاً المؤسسة التي تتم فيها هذه العملية بأسرها (سالم، 2000).
ويختلف هذا الاتجاه في مجمله عن التيارات التي بدأت تبرز حديثاً في العالم الغربي، والتي ترى أن إعداد المعلم لا ينتهي عند المؤسسة التي تعلن أنها تقوم بتدريبه، أو الدرجة العلمية التي يحملها من أجل الاعتراف بمكانته، بل ولا تنتهي أيضاً عند ممارسة دوره بكفاءة كما هو الحال في المدرسة التقليدية (Kaplan & Edelfelt, 1996).
وتذهب هذه الاتجاهات إلى عدم الاعتراف بالنظرية التي تقول بإمكان تدريب سائر المعلمين الذين يؤدون تخصصاً واحداًَ وتدريباً متساوياً، ذلك أن المدارس التي يعمل فيها المعلمون تختلف اختلافاً كبيراً؛ فالمدرسة المدنية تختلف عن المدرسة الريفية، والمدرسة الريفية تختلف عن المدرسة البدوية، والمدرسة التي يؤمها أبناء الأغنياء تختلف عن المدرسة التي يؤمها أبناء الفقراء، والمدرسة التي يأخذ منتسبوها من كل تلك العناصر تختلف عن المدرسة التي يتساوى فيها التلاميذ في مستوياتهم البيئية والاجتماعية (Jones, 1992).
ويبدو في ضوء ذلك أن التركيز على تدريب المعلم هو أكثر من التركيز على إعداده، ومفهوم التدريب يأخذ أسبقية على مفهوم التعليم لأنه لا فائدة في أن يكون المعلم ملماً بمادته وبالأطر النظرية في التربية ولكنه غير قادر على التأقلم مع البيئة المدرسية التي يعمل في إطارها. ويضع مفهوم التدريب تحدياً كبيراً أمام معاهد تدريب المعلمين وكليات التربية، وهو التحدي الذي جعل بعض العلماء يذهبون إلى القول بأن وجود المعلم في مدرسة مع مدير يفهم طبيعة عمله ويعرف كيفية إدارة مجموعة المعلمين في مدرسته، أجدى بكثير من السنوات التي يقضيها المعلم في فصول معهد المعلمين وكليات التربية، ولا يعني هذا الرأي عدم الحاجة إلى هذه المؤسسات، وإنما هو فقط ينبه إلى ضرورة أن تتطور المعاهد والكليات بإدخال مفاهيم جديدة للتعليم والتدريب تراعي التطورات التي بدأت تبرز حديثاً.
الاتجاه الحديث في تدريب المعلم
تؤكد الدراسة التي نشرتها "روث هيلبرون وجونس" (Heilbronn. & Jones) ضمن فعاليات "دراسات المعلم الجديد في المدارس الشاملة" (1997) New teachers in an urban comprehensive schools على أن التغيرات الحديثة في أسلوب تدريب المعلمين تستوجب إعادة النظر في محتوى وإدارة برامج تدريب المعلم على أن يكون التدريب في المدارس هو حجر الزاوية، مع التقليل من الاعتماد على المعاهد والجامعات في هذا المجال، ولا يعني ذلك إلغاء هذه المؤسسات وإنما يجب أن يكون التركيز على ما يتم في المدارس وليس مجرد المعرفة النظرية في كليات ومعاهد المعلمين، ولا يعني ذلك أيضاً أن يكون التركيز على برامج التربية العملية في المدارس بمفهومها التقليدي، وإنما ينبغي أن يكون التفرغ للعمل في المدارس جزءاً من برامج التدريب، وهو نفس الأسلوب الذي كانت تتبعه الإدارة البريطانية في السودان، حيث كان معهد "بخت الرضا" يرسل المتدربين للإقامة في المدارس لعدة أشهر من أجل اكتساب الخبرة في بيئتها العملية ولن يكون ذلك وحده كافياً لأن المهم في تدريب المعلم هو التأكد من صلاحية التجربة العملية من خلال التحاقه بالنظام المدرسي ذاته على أن يكون مهيأ لتقبل النتيجة إذا لم يكن صالحاً للعمل في مجال التدريس، وعلى ألا يكون التدريس مهنة من لا مهنة له ويتم ذلك تحت حماية القوانين التي تشرعها دواوين شئون الموظفين التي تحول دون الاستغناء عنهم في حالة عدم كفاءتهم في أداء الأعمال التي وظفوا من أجلها (Heilbron & Jones, 1997).
ويحتم ذلك ألا تكون الموارد المتاحة للمدارس تقتصر على الرواتب والمسائل الضرورية وإنما يجب أن تكون هناك اعتمادات كافية لأغراض المعلمين.
وتذهب الاتجاهات الحديثة في بريطانيا على نحو الخصوص إلى عدم جعل تدريب المعلمين مقتصراً على مؤسسات التعليم العالي فقط وإنما إلى ضرورة أن تكون هناك شراكة بين المؤسسات التعليمية ذاتها ووزارة التعليم العالي.
والهدف في نهاية الأمر أن ينشأ جيل من المعلمين ليسوا فقط مسلحين بالمعرفة النظرية التي توفرها كليات التربية ومعاهد التربية ومعاهد المعلمين، وإنما مزودين أيضاً بالخبرات التي يأتي منها التلاميذ الذين ينتمون إلى بيئات ثقافية منوعة بحيث يوظفون هذه الخبرات من أجل إنجاح الممارسة التعليمية في داخل مدارسهم.
تعيين عضو هيئة التدريس الجديد
يجب أن يحصل عضو هيئة التدريس الجديد –سواء كان مدرساً له خبرة كبيرة في هذا المجال أو مدرساً عادياً في بداية حياته العملية- على جميع النصائح المتعلقة بالروتينات المختلفة والوسائل المتاحة في هذه المدرسة. يجب أن يكون هناك بعض الاجتماعات (في الأسابيع القليلة الأولى من العمل) حيث يستطيع الموجه أو المشرف مناقشة بعض النواحي المهمة في المدرسة ليتمكن الزميل الجديد من توجيه الأسئلة واستشارة هذا المشرف. ستواجه المدارس المختلفة موضوعات ونقاط مختلفة وستتباين فيها الطاقات والخبرة والاحتياجات، لكنك دائماً ستجد بعض الوثائق مثل الكتيبات الخاصة بهيئة التدريس التي تساعد المدرس الجديد على المواكبة مع المدرسة. وتحتوي كل مدرسة على روتينات محكمة ويتحتم عليها متابعة كافة الأنظمة بداخلها، فإذا كانت عملية التعيين فعالة، سيكون هناك مزج بين المدرسين القدامى والآخرين الجدد (الترتوري والقضاه، 2006).
جدول (1)
إرشادات بشأن المقابلات الشخصية
لا: • تبدأ بالأسئلة الشخصية أو الجدلية.
• تستخدم الأسئلة المحدودة التي تنتهي بالإجابة بنعم أو لا، إلا إذا قضت الحاجة بذلك.
• تستخدم الأسئلة الفظة أو المخادعة أو المصطلحات.
• تقد الشخص الذي تجري معه المقابلة معه كما تقول "إنني أعتقد أنك يجب أن...".
• تشر إلى أي رفض أو صدمة.
• تقلق بشأن الصمت.
قم: • باستخدام الأسئلة مفتوحة الإجابة التي تسمح للمرشحين بالتعبير عن أنفسهم وتوضيح المعرفة.
• بتوجيه السؤال بطريقة بارعة مثل استخدام "لماذا و "ماذا" و "كيف" وما إلى ذلك.
• بطمأنة المرشح المضطرب بالابتسامة والحديث بهدوء.
• بالاستماع إلى المرشح فيما يقرب من ثلثي الوقت.
• بتوجيه مسار حديث المرشح ببراعة للتعرف على النقاط التي تريدها.
• بالانتهاء من نقطة ما وفتح أخرى مع إضافة بعض الملاحظات.
• بالرجوع إلى الأجزاء التي تجنبها المرشح في بداية كلامه.
• بملاحظة سلوك المرشح مثل العصبية والعنف وعلامات التوتر.
• بالبحث عن الأسباب وراء ترك المرشح للمدرسة السابقة التي كان يعمل بها (فالقدرة على عدم التواصل مع الآخرين تعد من أكثر الأسباب وراء عدم الرضا عن أعضاء هيئة التدريس).
• بالتغاضي عن محاباتك للكثير من الأشياء.
• بمنح المرشح فرصة للسؤال عن الوظيفة وإعطاء أي ملاحظات يريدها.
بالتأكد من أن لجنة المقابلة الشخصية لديها بضع دقائق لتعطي انطباعاً عاماً عن المرشح قبل أن تبدأ المقابلة الشخصية التالية.
المصدر: (الترتوري والقضاة، 2006).
المكافآت في التعليم Rewards in Teaching
ذهب هنري آدمز إلى أن المعلمين الراضين عن مهنتهم، أكثر من غيرهم، فقد توصل إلى أن 52.6% من المعلمين راضين عن مهنتهم، ويمكن أن يعودوا مرة أخرى لنفس المهنة، وبالتالي فإن 3/4 المعلمين راضين عن مهنتهم (Zanden, 1980). إلا أن نتائج هذه الدراسة ودراسات أخرى غيرها، في نفس الاتجاه قد لا يجوز تعميمها على البيئات كافة، فقد تكون نتائج هذه الدراسة منسجمة مع واقع المجتمعات الأوروبية، أو في الدول المتقدمة عموماً أكثر منها في المجتمعات النامية.
وفي دراسة أخرى في بوسطن، لوريت (1975) وجد أن المرأة العزباء أكثر تقديراً لعملها من المتزوجة، وكذلك كانت المرأة العزباء أقل رضا من المرأة المتزوجة، بالنسبة للشبان:
1- العديد منهم يسعى إلى ترقيات إدارية.
2- مستوى الرضا لديهم أقل من الرجال الكبار.
ملاحظة:
في دراسة لوريت (1975) سئل المدرسون في ريف فلوريدا عن المكافآت المرتبطة بالتعليم فكانت إجابتهم بأن المكافآت النفسية هي المصدر الرئيسي للرضا عن العمل. وذلك على النحو التالي:
76.5 مكافآت نفسية.
11.9% مكافآت خارجية (راتب، منزلة مرموقة).
11.7 مكافآت ثانوية (الأمن الوظيفي، العطل والإجازات).
صحة المدرسين The health of teachers
في أي مهنة يتم التركيز على صحة الأعضاء العاملين، وخلال العقد الماضي تم التركيز على الروابط الوثيقة التي تربط عمل الناس وصحتهم، وهنا العديد من الأمثلة مثلاً: عمال مناجم الفحم الذين أصيبوا بمرض الرئة الأسود وغيرهم.. لا توجد دراسة شاملة ومعدة بشكل جيد حول صحة المعلمين، ولكن في أحسن الأحوال يمكن أن نأخذ بالدراسة التي أجرتها مجلة (المدرس) بالتعاون مع جمعية (مؤسسة) الصحة المدرسية الأمريكية (ASHA) والتي أجابت على استبانة بلغت عينتها تسعة آلاف معلم، حيث بينت نتائج هذه الدراسة: أن (4.5) يوم من العمل من خلال السنة الدراسية يسبب المرض للمعلمين (الترتوري والقضاه، 2006).
كما أن من الأمور التي تلعب دوراً في صحة المعلمين:
1- حل المشكلات: أصبح للمدرس الدور الرئيسي في حل جميع مشاكل الطلبة.
2- (الغداء): إذ أن 2% يشترون وجبة الغداء من كفتيريا المدرسة والبعض يحضر غداءه والبعض لا يتناول الغداء.
3- بيئة المدرسة بشكل عام حيث كان لدرجة الحرارة في الصفوف أكبر الأثر (الظروف الملائمة الصحية وإمكانات المدرسة).
4- دور المدير الإيجابي في المساعدة على خلق جو ملائم للمدرسين مما يساعد على صحة المعلمين العقلية وهذا ينعكس على النمو العقلي والاجتماعي والانفعالي للطلاب (Zanden, 1980).
أدوات وعُدة النجاة في الأسبوع الأول للمدرس الجديد
أنت مدرس جديد ومتحمس، ولديك الكثير من الأفكار ولكنك تتعرض للمشكلات التي تتعلق غالباً باتجاهات وسلوك الطلاب.
فما العمل...؟
إن إشارات النجاة هذه قام بتجميعها مدرسون مجربون ذوي خبرة ستساعدك على ما يلي (الترتوري والقضاه، 2006):
1- اعتمد على إحساسك بالتوازن: كن مستعداً لتقليل الميل نحو السلوك الخاطئ إلى الحد الأدنى، انتبه لردود فعلك المفرطة.
2- حاول أن تفهم ما الذي يحث سلوك معلم ما بحيث يكون اهتمامك نحو هذا المعلم هو نفسه.
3- ابعد الفشل عنك، قد يبدو تعديل سلوك طالب وعاداته بأنه مستحيل، ولكن لا تسجل انطباعك عنه بأنه فاشل، استمر في التجريب والتفكير وابقِ عبارة (لحد الآن) موجودة، وأنه يمكن الوصول إلى نجاح في النهاية.
4- تكلم عن الأمور الخاصة باهتمام، وذلك بإشارةٍ ما، أو طبطبة، أو كلمة ودودة، أو القليل من النشاط البدني.
5- أكتب الملاحظات المشجعة، أنا فخور بك، استمر في النشاط، كنت تنجز بشكل جيد مؤخراً.
6- ابعد الطفل قليلاً (تغيير المكان) فإن التغير في المناخ له دوره الإيجابي على الطالب.
7- وفر أنفاسك، هل المحاضرة الطويلة كانت مساعدة للطفل وهناك كلمات للاختصار مثلاً: (ذلك خطأ) (توقف عنه).
8- انتقد الفعل، وليس الطفل، وتذكر بأن الصفة تتعلق بالفعل وليس بالطفل مثلاً التلاعب بالحقيقة هذا ليس كذباً.
9- التحضير والتدرج يمنع العديد من المشكلات، عندما يجتمع الأطفال حول نشاط ما فلا يمكن نصيحتهم بنشاط ثان والسماء لن تقع إذا لم يعمل أحد الطلبة واجباته اليومية.
10- استثمر في الوقت: دعونا ننهي قبل أن يداهمنا الوقت.
11- اجعل النشاطات متباينة، كل العمل الذي يتطلب جلوساً يجعل الطلاب يتعبون، اجعل جرس المدرسة يقرع بشكل لطيف في نهاية (الـ خمسة) دقائق كونه إشارة (عودوا إلى مقاعدكم وارجعوا إلى العمل).
12- تحرك المدرس في غرفة الصف يعزز السلوك لدى الطلاب لما يشعر به الطالب من راحة.
13- التوقف عن الدرس وتركه قد يكون فكرة جيدة: وهو نوع من التحضير، وذلك أثناء الحصة وفي لحظة ما تسأل من منكم يريد أن نتوقف الآن؟ وفي هذه اللحظة"؟ وذلك من خلال رفع الأيدي.
14- قم بزيارات منزلية، وذلك للتعرف على الطالب المشاكس في بيته ودراسة حالته، فالطفل في بيته يمكن أن يكون ملهماًَ.
15- تذكير نهائي: استمتع بحصة الأطفال في الصف فذلك يجعلهم يستجيبون لك ويحاولون إرضاءك.
أبرز المشكلات التي تواجه المعلم الجديد
يمكن إجمال أبرز المشكلات التي تواجه المعلم الجديد في المحاور التالية:-
أولاً: مشكلات تتعلق بالطلاب:
وتتمحور أبرز هذه المشكلات في (الترتوري والقضاه، 2006):-
1- أعمال الشغب والسلوكيات غير المنضبطة الصادرة عن الطلاب داخل قاعة الدرس، والتي يعتبر من أبرز مظاهرها عدم احترام المعلم، أو عدم الاستماع إلى شرح الدرس أو إلى نصائحه، والإهمال في أداء الواجبات المنزلية لغياب أساليب الردع.
2- ازدحام الصف بعدد كبير من الطلاب، مما يصعّب من مهمة المعلم في شرح الدرس، أو ضبط النظام داخل الصف.
3- ضعف المستوى العلمي للطلاب بسبب انعدام دافعية التعلم عند كثير منهم. أو بسبب عدم الانضباط في الصف وعدم الاستماع إلى شرح المعلم، أو بسبب إهمال الأسرة وعدم متابعتها للطالب في المنزل، وعدم تواصل الأسرة مع المدرسة بشكل منتظم.
4- عدم وجود نظام ردع مناسب أو قانون يعاقب الطالب المشاغب أو المقصر ويحفظ للمعلم مكانته وهيبته.
5- الإهمال والاستهتار وعدم الاكتراث، واللامبالاة من قبل الطلبة، لعدم تفعيل سياسات الرسوب، وهذا ما يدفع الطلبة إلى عدم الاجتهاد أو الانضباط أو الحرص على تحصيل مستويات تعليمه أعلى.
6- ضعف الدافعية عند قسم كبير من الطلبة للتعلم.
ثانياً : مشكلات تتعلق بالإدارة المدرسية:
1- الخوف من عدم اهتمام الإدارة المدرسية بالمعلم الجديد وعدم تقديم الحوافز المعنوية لعمله ونشاطه.
2- اهتمام الإدارة المدرسية بالنواحي الإدارية الشكلية على حساب اهتمامها بالعملية التربوية، فلا تهتم بأمور المعلم ومساندته في مواجهة الطلبة المشاغبين.
3- المركزية الشديدة التي تنتهجها الإدارة المدرسية في اتخاذ القرارات وتأثير ذلك على دور المعلم في ضبط سلوكيات الطلبة.
4- افتقاد الإدارة المدرسية لصلاحية ردع الطلبة أو المساعدة في دفعه إلى الاهتمام بدروسه (حسن، 1997).
ثالثاً: مشكلات تتعلق بالإشراف والتوجيه:
في دراسة قام بها حسن (1997). تطرق إلى استقصاء أوجه المعاناة التي يلاحظها المعلمون والمعلمات في المدارس القطرية فيما يتعلق بالإشراف والتوجيه المدرسي. ومن أبرز هذه المشكلات:
1- افتقاد بعض الموجهين والمشرفين للعدالة في التعامل مع المعلمين وخاصة المعلمين الجدد قليلي الخبرة في التدريس.
2- بعض المشرفين التربويين لا يؤدون عملهم بروح المشرفين، بل في شخص المفتش الذي يتصيد الأخطاء.
3- يطالب المشرفون المعلمين الجدد بأعمال تفوق قدراتهم وأوقاتهم.
4- مطالبة المعلم الجديد بمهام خارج نطاق العمل المدرسي، في الوقت الذي لا تتوفر فيه إمكانيات التدريس وممارستهم النشاط.
5- عدم منح المعلم الجديد صلاحية تنفيذ طرق تربوية جديدة في التعليم أو تجريب الجديد في مجال التربية.
6- ويرى سليمان وحسن (1990) أن المعلم في عامه الأول من التدريس يشعر بوجود بعض المشكلات الحقيقية أثناء ممارسته لعمله، وفي هذه الفترة الزمنية يمكن للمعلم أن يحدد المشكلات التي تعترضه قبل حدوثها لاحتمالين:
الأول: أنه يتغلب في الأعوام التالية على بعض المشكلات بشكل منفرد أي تصبح لديه الخبرة الكافية لمواجهة مثل هذه المشكلات.
الثاني: أنه ينخرط في الأعوام التالية في الروتين المدرسي السائد أو بمعنى آخر يصبح جزء من هذا الروتين المدرسي اليومي فتكون نظرته مركزة على ما هو كائن لا على ما يجب أن يكون.
ويواجه المعلم المبتدئ عند بدء عمله ما أطلق عليه في الكتابات التربوية بصدمة الواقع أو صدمة الحقيقة The Reality Shock ومن أهم أسبابها كما حددها " فينمان":
1. أسباب شخصية: منها الاختيار الخاطئ لمهنة التدريس، حدوث مواقف غير محتملة، وجود صفات شخصية غير مناسبة.
2. أسباب موقفية: التدريب المهني غير الملائم، وضع المدرسة الصعب (من إدارة بيروقراطية أو تسلطية أو هيئة تدريسية غير ملائمة أو نقص في الخامات والتجهيزات أو عدم وضوح الأهداف التعليمية أو تدخل الوالدين في عمل المدرس)، إعطاء المدرسين الجدد صفوف ضعيفة أو إعطائهم مواد في غير تخصصهم.
3. أسباب أخرى: أنهم يكونون تحت التدريب لمتطلبات عملهم، لا يوجد أسس ومعايير واضحة في تدريب المدرسين، إن السنة الأولى من التدريس تكون بداية تحمل مسؤوليات (البحث عن سكن جديد، تكوين عائلة، تكوين أصدقاء…..)، بعد أن يكون المدرس طالباً حراً، يتحول إلى قيود الحياة المهنية ومسئولياتها (خاطر، 1999).
وقد اهتم العلماء والباحثون بالمعلم المبتدئ ومشكلاته حيث تحدث " أبو الروس" عنها وحصرها كالتالي: مدرس في مدرسة بنات خاصة إذا كان أعزباً، مدرس يتسلم عمله في مدارس ريفية، المدرس ومشكلة الغش، المدرس والصف الرديء( الطلبة المشاغبون)، مواجهة أسئلة لا يعرف إجابتها، المدرس وعلاقته بالناظر وزملاءه العمل (الترتوري والقضاه، 2006).
أما قنديل فحصرها كالتالي: الفجوة بين النظرية والتطبيق، انصراف الطلاب عن الدرس، الأسئلة المحرجة، إنهاء روتينات الدرس، التدريس في وجود زائر، توفير المواد والأجهزة التعليمية( قنديل، 1993).
وحصرتها "خضر" كالتالي: حفظ النظام الناتج عن إدارة صفية ضعيفة، ضعف التدريس سواء في المادة أو الطريقة، التخطيط في إعداد الدرس اليومي، الروتين المدرسي(خاطر، 1999).
وقد قام " ليم وكيلرج"-وهما مهتمان بأمور المعلم والتعليم- بتحديد الأخطاء الشائعة التي يقع فيها المعلمون المبتدئون في المدارس الثانوية وذلك من خلال محادثات أجرياها مع عديد من مديري المدارس الثانوية وكانت كالتالي: يتحدث كثيراً وبسرعة، يحاضر كثيراً مع قلة المناقشات داخل الفصل، يعطي درجة سخية عند تقييمه لإجابات التلميذ على الرغم من أن الإجابة غير كافية، ملابسه غير مهذبة، يسمح للتلميذ بمخالفة القواعد وأنظمة القسم، يسيء في تدريسه للكتاب تاركاً بعض الأجزاء، يهمل في القيام بالأعمال الروتينية وكتابة التقارير، لا يوضح للتلاميذ التعيينات والواجبات، متساهل في السيطرة على الفصل، غير ملم بالنظم المحلية للولاية، لا يتقن مهارة توجيه الأسئلة، أهداف الدرس غير واضحة، كتابته السبورية رديئة، يقضي جزءاً كبيراً من الوقت وراء المنضدة ( خاطر، 1999).
إن المشكلات التي تم سردها يشعر بها المعلم المبتدئ أكثر من غيره من المعلمين ذوي الخبرة وذلك لسببين:-
1.المواجهة الأولى لهذه المشكلات وقلة الخبرة التي تؤهله لحلها.
2. عدم تبصيره بتلك المشكلات سواء من مديري المدارس المستقبلة له أو من خلال عقد دورات تدريبية خاصة قبل الخدمة. ولا يعني ذلك عدم وجود مشكلات أخرى تواجه المعلم المبتدئ، فهي كثيرة ومتعددة وذات اهتمام واسع.
قائمة المراجع
أولاً: المراجع العربية
• آل إبراهيم، إبراهيم عبد الرزاق (1997). نحو خطوات جديدة لتمهيد التعليم، مجلة التربية، ع (121)، سنة (26)، قطر.
• الترتوري، محمد عوض والقضاه، محمد فرحان (2006). المعلم الجديد: دليل المعلم في الإدارة الصفية الفعالة، دار الحامد للطباعة والنشر، عمّان.
• جرادات، عزت وآخرون (1983). التدريس الفعال، ط (4)، دار الفكر للنشر والتوزيع، عمّان.
• حسن، محمد صديق (1997). المعلم القطري وهموم المهنة، مجلة التربية، ع (123)، سنة (26). قطر.
• خاطر، تهاني (1999). مشكلات المعلم المبتدئ في المدارس الحكومية بمحافظات غزة ومقترحات حلولها، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، غزة.
• خصاونة، سامي (1978). المعلم ومهنة التربية والتعليم، مجلة رسالة المعلم، العدد الأول، السنة: (21)،عمّان، الأردن.
• سليمان، ممدوح وحسن، عبد علي (1990). من مشكلات معلم الفصل في عامه الأول إلى تطوير برنامج إعداده بجامعة البحرين، مجلة دراسات تربوية، (ع) 27.
ثانياًً: المراجع الأجنبية
• Fullan, Mr. (1992). The New Meaning of Educational Change, London; Cassell.
• Heilbronn, R. & Jones, C. (1997). The New Teachers In an urban comprehensive school, London; Trent ham Books ltd.
• Jones , C. (1992). Cities Diversity and Education on Colby. (Eds), World Yearbook of Education, London; kogan Page.
• Kaplan L. & Edelfelt . R. (1996). Teachers for the New Millennium, California; Corwinpress.
• Zanden, James (1980). Educational Psychology in theory and practice: Part 3, classroom Management. (Ed).
إعداد: الدكتور محمد عوض الترتوري
دكتوراه أصول التربية
عمان - الأردن
تمهيد
منذ أكثر من ألف عام قال سيسترو (إن أعظم هبة يمكن أن نقدمها للمجتمع؛ هي تعليم أبنائه)… ويبدو أن كلماته ما زالت تعبر عن مشاعر إنسانية رفيعة، فالمعلم، منذ أن وجد التعليم، ما زال يقدم خدمة مهنية لأمته من خلال تمكين التلاميذ من اكتساب المعارف والمثل العليا، وتذوق معنى الحرية، والمسؤولية، ومن خلال تمكينهم من اكتساب مهارات التفكير الناقد، والمواطنة الصالحة، وإذا ما قيل بأن مستقبل الأمة ومصيرها إنما يكونان في أيدي أولئك الذين يربون أجيالها الناشئة، فلن يكون ذلك القول بعيداً عن الصحة، إن لم يكن مطابقاً لها، ومن هنا كانت مكانة المعلم بين الأمم مكانة رفيعة جداً، ولعل أرفع ما وصلت إليه هذه المكانة.. وهي ما قررته الثقافة العربية عبر تاريخها تجاه المعلم، فكانت مكانة المعلم في التراث العربي الإسلامي مكانة تعبر عن عظيم تقدير الأمة للمعلم، كما أنها مكانة مستمدة من العقائد والقيم الدينية التي تنتمي إليها الأمة العربية، وتفخر بها، باعتبارها قيماً إنسانية حضارية لا تقتصر على عرق أو جنس أو لون. (الترتوري والقضاه، 2006).
التعليم كمهنة
يلعب المعلم دوراً بالغ الأهمية والخطورة في عملية التعلم والتعليم، ويتعدى دوره ذلك إلى العملية التربوية كلها، وبالتالي إلى عمليات التنشئة الاجتماعية، ومن هنا تأتي أهمية المعلم في المجتمع، وتبرز العناية به وتقديره كإنسان وكمواطن وكمهني، بالدرجة الأولى.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن بسرعة، هل يحظى المعلم بالتقدير والاحترام والرعاية والإعداد بالمقدار والنوعية التي يفرضها دوره المهم في عمليات التعلم والتعليم والتربية والتنشئة الاجتماعية؟ وبتعبير آخر، هل يعطي المجتمع، بمؤسساته المختلفة الرسمية وغير الرسمية، اهتماماً حقيقياً كافياً للمعلم يتناسب وأهميته العظمى في المجتمع؟ هل يتناسب مقدار اعترافنا ونوعية تقديرنا للمعلم مع مقدار ونوعية مساهمته وإنجازه في المجتمع؟ هل يتمتع المعلم بامتيازات معينة مادية ومعنوية مكافأة له على عمله العظيم في بناء المجتمع وتقدمه؟ (خصاونة، 1978).
أخلاقيات مهنة التعليم من منظور عالمي
اتجهت المؤسسات التربوية والجمعيات الأكاديمية المعنية بالتعليم إلى إرساء مبادئ أساسية تعتبر أخلاقيات مهنة التعليم في آفاقها العالمية، إذ أن معظم الأنظمة التربوية في مختلف المجتمعات، المتقدمة منها والنامية، تتفق على مبادئ أساسية لمهنة التعليم، ويمكن إيجازها على النحو التالي (الترتوري والقضاه، 2006):
1- المبدأ الأول: إن المسؤولية الأساسية لمهنة التعليم تكمن في إرشاد الأطفال، والشباب والكبار طلباً للمعرفة، واكتساباً للمهارات، وإعدادهم للحياة الكريمة الهادفة التي تمكنهم من التمتع بحياتهم بكرامة وتحقيق ذاتهم في الحياة. وهذا يتطلب من المعلم:
أ. أن يعامل التلاميذ بالمساواة دون تحيز بسبب اتجاه حزبي، أو عقيدة دينية، أو مكانة اجتماعية- اقتصادية.
ب. أن يميز الفروق الفردية بين التلاميذ من أجل تلبية حاجاتهم الفردية.
ج. أن يشجع التلاميذ للعمل من أجل تحقيق أهداف عالية في الحياة، تتناسب مع نموهم المتكامل.
د. أن يحترم حق كل تلميذ في الحصول على المعلومات الصحيحة وحسن الإفادة منها في حياته المستقبلية.
2- المبدأ الثاني: إن مسؤولية المعلمين تكمن في مساعدة التلاميذ على تحديد أهدافهم الخاصة وتوجيهها نحو أهداف مقبولة اجتماعياً، وهذا يتطلب من المعلم:
• أن يحترم مسؤولية الآباء تجاه أبنائهم.
• أن يبني علاقات ودية مع الآباء من أجل تكامل نمو التلاميذ.
• أن يحرص على تزويد الآباء بالمعلومات الأمينة عن أبنائهم.
• أن ينمي في التلاميذ روح الثقة بالبيت والمجتمع والمدرسة.
3- المبدأ الثالث: تحتل مهنة التعليم مكانة ذات مسؤولية هامة تجاه المجتمع والأفراد من حيث السلوك الاجتماعي والفردي، وهذا يتطلب من المعلم:
• أن يلتزم بالسلوك الاجتماعي المقبول في المجتمع.
• أن يقوم بواجبات المواطنة الصحيحة، ليكون قدوة المجتمع المحلي وأفراده في تلك الواجبات.
• أن يعالج القضايا الاجتماعية والأساسية التي تهم مجتمعه بموضوعية منسجماً مع قيم المجتمع ومثله.
• أن يدرك أن المدرسة، باعتبارها مؤسسة تربوية، إنما هي ملك للمجتمع، وأن دوره أن يحافظ على المكانة الرفيعة لهذه المؤسسة ومستوى خدماتها للمجتمع.
4- المبدأ الرابع: تتميز مهنة التعليم عن غيرها من المهن الأخرى بنوعية العلاقات الإنسانية التي تسود جوها العملي، ورفعة هذه العلاقات. وهذا يتطلب من المعلم:
• أن يعامل زملاءه ي المهنة بنفس الروح الإيجابية التي يجب أن يعامل بها.
• أن يكون صادقاً وإيجابياً في التعامل مع مؤسسته التربوية.
• أن يحافظ على علاقات مهنية مع زملائه ومع المنظمات والجمعيات التربوية من أجل رفعة مهنة التعليم وتحقيق مكانة أرفع لها.
• أن يُعنى بالنمو المهني المستمر من أجل الإسهام في تطوير النظام التعليمي الذي يعمل في إطاره (جرادات وآخرون، 1983).
صفات المعلم الجيد
• تكامل الصفات الشخصية المستقيمة من حضور الذهن والدقة في الأداء وحسن التصرف، ليكون قادراً على الاعتماد على حواسه، وصحته وحيويته، لأن هذا العمل المستمر يتطلب الجهد والحرص والهمة العالية والمثابرة.
• الحب والرغبة الأكيدة للعمل في هذه المهنة، لأن الإكراه على العمل في هذه المهنة يولد التبلد في الإحساس والشعور. والرغبة المستمر في ترك هذه المهنة بشتى الطرق.
• الإلمام والوعي بالثقافة العامة، والمعرفة بالبيئة الاجتماعية التي تحيط به، لأن الضحالة في هذه الأمور تجعل المعلم لا يمكن أن يعطي شيئا يذكر، وسيظل دائما في دوامة الفراغ الثقافي، ولأن هذه المهنة لا تقبل أبدا هذا النوع من المعلمين.
• المحبة الدائمة للطلاب والمعاملة الحسنة، الممزوجة بالصدق والأمانة، والمرونة معهم في المواقف التي تتطلب ذلك، للوصول إلى الأهداف التربوية الموضوعة.
• وقبل كل شيء الإخلاص ومراعاة الله عز وجل، في حمل هذه الأمانة وتوصيلها بكل تفاني للأجيال (آل إبراهيم، 1997).
أهمية مهنة التعليم
ازداد الاهتمام بمهنة التعليم، فقد عنيت كافة الجماعات والمعاهد والمراكز الخاصة بإعداد المعلم تخصصياً ومهنياً وثقافياً وتدريبياً، وذلك بإيجاد برامج تزوده بالمعارف التربوية والتعليمية، وإكسابه المهارات المهنية من أجل تفعيل قدراته ومواهبه، حتى يقوم بالدور المطلوب منه على أكمل وجه (الترتوري والقضاه، 2006).
إعداد المعلم وتأهيله لمهنة التعليم
1- الإعداد التخصصي:
ويُقصد به إعداد المعلم ليكون ملماً بفرع من فروع المعرفة، وهذا لا يتم إلا في الكليات الجامعية. فالمعلم لا يمكن أن يؤدي دوره التعليمي بالشكل المطلوب ما لم يتمكن من العلم الذي سيقوم بتعليمه في المستقبل.
ومن ناحية أخرى لا بد أن نجعل أسلوب التفكير والإبداع هو الهدف. وهنا يجب استخدام المعرفة كوسيلة لهذا التفكير والإبداع، فالتفكير والإبداع هما وسيلتان لنمو المعارف لدى المعلم، وعليهما تستند قدرات ومهارات المعلم العلمية (الترتوري والقضاه، 2006).
2- الإعداد المهني:
يعتبر الإعداد المهني أهم ركيزة من ركائز إعداد المعلم، حيث يهدف إلى تكوين وصقل شخصيته ليكون قادراً على أداء مهمته التربوية والتعليمية في توجيه وإرشاد الطلاب. ونقترح في هذا الجانب هدفين للإعداد المهني للمعلم:
أ. الاستيعاب الكامل لحقيقة العملية التربوية والتعليمية وأهدافها حتى يتمكن من التأثير الإيجابي في الطلاب وفقاً للأهداف المقررة.
ب. الاستيعاب الكامل لاحتياجات الطلبة المختلفة، وقدراتهم ومعرفة الفروق الفردية وإمكاناتهم.
وكذلك نقترح هنا بعض البرامج لإعداد المعلم مهنياً:
• تزويد المعلمين بحصيلة فكرية من المعلومات والمفاهيم الأساسية في علم النفس التربوي كالطفولة والمراهقة والفروق الفردية ونظريات التعلم.
• معرفة أساليب الربط بين الخبرات الدراسية والوسائل التي تحقق ذلك، حتى يستطيع أن يؤدي مهنته على مستوى طيب من الأداء.
• إلمام المعلمين بقدر كاف من المعلومات والخبرات التي تتعلق بالبيئة المدرسية بمراحلها المختلفة من حيث الأهداف والوظائف.
• معرفة أهمية الوسائل التعليمية لاستخدامها في الأوقات المناسبة.
• دراسة أساليب التقييم المختلفة.
• التعرف على أساليب التوجيه والجوانب التي يمكن أن يتم فيها هذا التوجيه.
• التدريب المستمر على الأسلوب العلمي في التفكير والإبداع والقدرة على حل المشكلات.
• إن الإعداد المهني يهدف إلى إكساب المعلم القدرة على استخدام الوسائل. وأن يستفيد من التجارب، وعليه فإن المعلم لا بد أن يُعدّ الإعداد الجيد قبل ممارسة المهنة.
3- الإعداد الثقافي:
تنتقل الثقافة من جيل إلى جيل عن طريق التعلم والتعليم، وهي مكتسبة يتم تعلمها من قبل الصغار والكبار، وهي كذلك متغيرة بحكم تطور المجتمعات الإنسانية، فأهميتها للمعلم ترجع إلى (الترتوري والقضاه، 2006):
أ. القدرة على حسن الاختيار من بين العناصر الثقافية ليستخدمها بصورة تؤثر في الفرد. حيث أن الحقائق والقوانين والأفكار الاجتماعية والمعاني والقيم والنظريات تنتقى من الثقافة، لذلك فإن هذا كله يستلزم من المعلم الوعي والتمييز، حتى لا يعطي الطلاب المفاهيم الخاطئة.
ب. القدرة على حل المشكلات التي تعتري العملية التربوية لدى الطلاب، وهذا بدوره يؤدي إلى تسهيل عملية التربية والتوجيه.
ج. تعطي المعلم معلومات عن البيئة التي يعيش فيها وعن العالم المحيط به.
د. تمكنه من الإلمام بالموضوعات المتنوعة حتى يستطيع الإجابة عليها.
فإذا أعد المعلم الإعداد الثقافي بالشكل المطلوب، فإنه يكون ذا تفكير وأفق واسع ومدرك، وأقدر على استخدام الأدوات المهنية بكفاءة عالية، وكذلك أقدر على اكتشاف الفروق الفردية لدى الطلاب، ليكون مصدر ثقة واحترام بالنسبة إلى الطلاب لينجذبوا نحوه ويؤثر كل ذلك في زيادة تحصيلهم، والقدرة على تفعيلهم.
4- الإعداد التدريبي:
يعمل التدريب المستمر للمعلم على رفع قدراته ومهاراته ومستواه التحصيلي نظرياً وعملياً، ويكون قادراً على تأدية مهنته بجدارة.
فكلما دُرّب المعلم التدريب الصحيح وأعطي معلومات ومفاهيم جديدة تفيده في مهنته، أصبح عطاؤه مثمراً ذا نتيجة ومردود حسن على الطلاب. لأنه من خلال التدريب يتلقى الجديد والمفيد لتطوير نفسه أولاً، ويحسن من أدائه في مهنته ثانياً.
وهذا التدريب الحالي للمعلمين أيا كانت الجهة التربوية التي تعقده لا يؤدي المطلوب، ولا يحقق النتائج المرجوة من عملية التدريب للمعلم، لأن طريقته –من وجهة نظرنا- مملة وروتينية ينبغي إعادة النظر فيها، وترتيب عملية التدريب، لنتمكن بعد ذلك من تمهين التعليم ونحن مطمئنون على وضع المعلم (آل إبراهيم، 1997).
تدريب المعلمين في المدرسة الحديثة
إعداد وتدريب المعلم قديم في الثقافة العربية الإسلامية، وتركز الآن المؤسسات الحديثة التي وردت إلينا من العالم الغربي وأقمناها في العالم العربي على مسميات مختلفة فيما يتعلق بتدريب المعلمين، مثل "دار المعلمين"، و"معهد التربية للمعلمين"، و "كلية التربية"، وغيرها من المسميات، والملاحظ أنه في الوقت الذي تطورت فيه النظرية التربوية بدرجة كبيرة في العالم الغربي وشمل ذلك مفهوم إعداد المعلم، (Fullan, 1992) فإن معظم المؤسسات التربوية في العالم العربي ظلت تعمل بصورة تقليدية من خلال مفهومي المنهج والتخصص، وأصبح إعداد المعلم يعني إكمال برنامج محدد في دراسة المادة التخصصية، وطرق التدريس وبعض نظريات علم النفس، ثم الحصول على الشهادة أو الدرجة الجامعية التي تؤكد ذلك ليصبح الدارس بعدها معلماًَ مرخصاً له بممارسة المهنة ومعترفاً بقدراته الأساسية في هذا المجال.
وتقوم نظرية إعداد المعلم في العالم العربي على نظرية الاتصال التي حدد إطارها "رومان جاكبسون" واختصرها في ثلاثة مسميات: المرسل- والرسالة- والمرسل إليه، فالمعلم هو المرسل، والرسالة هي مادة التعليم والمرسل إليه هو التلميذ الذي يتلقى رسالة المعلم (الترتوري والقضاه، 2006).
وتعمل هذه النظرية في إطار ميكانيكي يتجاهل حقيقة أن المعلمين يتفاوتون في قدراتهم العلمية واستعداداتهم النفسانية، كما يتجاهل حقيقة مادة التعليم ذاتها والإطار الذي تتم فيه والتباين الواضح بين التلاميذ ودرجة استعداداتهم في التلقي، بل والتفاعل مع المادة العلمية التي يتلقونها، وأيضاً المؤسسة التي تتم فيها هذه العملية بأسرها (سالم، 2000).
ويختلف هذا الاتجاه في مجمله عن التيارات التي بدأت تبرز حديثاً في العالم الغربي، والتي ترى أن إعداد المعلم لا ينتهي عند المؤسسة التي تعلن أنها تقوم بتدريبه، أو الدرجة العلمية التي يحملها من أجل الاعتراف بمكانته، بل ولا تنتهي أيضاً عند ممارسة دوره بكفاءة كما هو الحال في المدرسة التقليدية (Kaplan & Edelfelt, 1996).
وتذهب هذه الاتجاهات إلى عدم الاعتراف بالنظرية التي تقول بإمكان تدريب سائر المعلمين الذين يؤدون تخصصاً واحداًَ وتدريباً متساوياً، ذلك أن المدارس التي يعمل فيها المعلمون تختلف اختلافاً كبيراً؛ فالمدرسة المدنية تختلف عن المدرسة الريفية، والمدرسة الريفية تختلف عن المدرسة البدوية، والمدرسة التي يؤمها أبناء الأغنياء تختلف عن المدرسة التي يؤمها أبناء الفقراء، والمدرسة التي يأخذ منتسبوها من كل تلك العناصر تختلف عن المدرسة التي يتساوى فيها التلاميذ في مستوياتهم البيئية والاجتماعية (Jones, 1992).
ويبدو في ضوء ذلك أن التركيز على تدريب المعلم هو أكثر من التركيز على إعداده، ومفهوم التدريب يأخذ أسبقية على مفهوم التعليم لأنه لا فائدة في أن يكون المعلم ملماً بمادته وبالأطر النظرية في التربية ولكنه غير قادر على التأقلم مع البيئة المدرسية التي يعمل في إطارها. ويضع مفهوم التدريب تحدياً كبيراً أمام معاهد تدريب المعلمين وكليات التربية، وهو التحدي الذي جعل بعض العلماء يذهبون إلى القول بأن وجود المعلم في مدرسة مع مدير يفهم طبيعة عمله ويعرف كيفية إدارة مجموعة المعلمين في مدرسته، أجدى بكثير من السنوات التي يقضيها المعلم في فصول معهد المعلمين وكليات التربية، ولا يعني هذا الرأي عدم الحاجة إلى هذه المؤسسات، وإنما هو فقط ينبه إلى ضرورة أن تتطور المعاهد والكليات بإدخال مفاهيم جديدة للتعليم والتدريب تراعي التطورات التي بدأت تبرز حديثاً.
الاتجاه الحديث في تدريب المعلم
تؤكد الدراسة التي نشرتها "روث هيلبرون وجونس" (Heilbronn. & Jones) ضمن فعاليات "دراسات المعلم الجديد في المدارس الشاملة" (1997) New teachers in an urban comprehensive schools على أن التغيرات الحديثة في أسلوب تدريب المعلمين تستوجب إعادة النظر في محتوى وإدارة برامج تدريب المعلم على أن يكون التدريب في المدارس هو حجر الزاوية، مع التقليل من الاعتماد على المعاهد والجامعات في هذا المجال، ولا يعني ذلك إلغاء هذه المؤسسات وإنما يجب أن يكون التركيز على ما يتم في المدارس وليس مجرد المعرفة النظرية في كليات ومعاهد المعلمين، ولا يعني ذلك أيضاً أن يكون التركيز على برامج التربية العملية في المدارس بمفهومها التقليدي، وإنما ينبغي أن يكون التفرغ للعمل في المدارس جزءاً من برامج التدريب، وهو نفس الأسلوب الذي كانت تتبعه الإدارة البريطانية في السودان، حيث كان معهد "بخت الرضا" يرسل المتدربين للإقامة في المدارس لعدة أشهر من أجل اكتساب الخبرة في بيئتها العملية ولن يكون ذلك وحده كافياً لأن المهم في تدريب المعلم هو التأكد من صلاحية التجربة العملية من خلال التحاقه بالنظام المدرسي ذاته على أن يكون مهيأ لتقبل النتيجة إذا لم يكن صالحاً للعمل في مجال التدريس، وعلى ألا يكون التدريس مهنة من لا مهنة له ويتم ذلك تحت حماية القوانين التي تشرعها دواوين شئون الموظفين التي تحول دون الاستغناء عنهم في حالة عدم كفاءتهم في أداء الأعمال التي وظفوا من أجلها (Heilbron & Jones, 1997).
ويحتم ذلك ألا تكون الموارد المتاحة للمدارس تقتصر على الرواتب والمسائل الضرورية وإنما يجب أن تكون هناك اعتمادات كافية لأغراض المعلمين.
وتذهب الاتجاهات الحديثة في بريطانيا على نحو الخصوص إلى عدم جعل تدريب المعلمين مقتصراً على مؤسسات التعليم العالي فقط وإنما إلى ضرورة أن تكون هناك شراكة بين المؤسسات التعليمية ذاتها ووزارة التعليم العالي.
والهدف في نهاية الأمر أن ينشأ جيل من المعلمين ليسوا فقط مسلحين بالمعرفة النظرية التي توفرها كليات التربية ومعاهد التربية ومعاهد المعلمين، وإنما مزودين أيضاً بالخبرات التي يأتي منها التلاميذ الذين ينتمون إلى بيئات ثقافية منوعة بحيث يوظفون هذه الخبرات من أجل إنجاح الممارسة التعليمية في داخل مدارسهم.
تعيين عضو هيئة التدريس الجديد
يجب أن يحصل عضو هيئة التدريس الجديد –سواء كان مدرساً له خبرة كبيرة في هذا المجال أو مدرساً عادياً في بداية حياته العملية- على جميع النصائح المتعلقة بالروتينات المختلفة والوسائل المتاحة في هذه المدرسة. يجب أن يكون هناك بعض الاجتماعات (في الأسابيع القليلة الأولى من العمل) حيث يستطيع الموجه أو المشرف مناقشة بعض النواحي المهمة في المدرسة ليتمكن الزميل الجديد من توجيه الأسئلة واستشارة هذا المشرف. ستواجه المدارس المختلفة موضوعات ونقاط مختلفة وستتباين فيها الطاقات والخبرة والاحتياجات، لكنك دائماً ستجد بعض الوثائق مثل الكتيبات الخاصة بهيئة التدريس التي تساعد المدرس الجديد على المواكبة مع المدرسة. وتحتوي كل مدرسة على روتينات محكمة ويتحتم عليها متابعة كافة الأنظمة بداخلها، فإذا كانت عملية التعيين فعالة، سيكون هناك مزج بين المدرسين القدامى والآخرين الجدد (الترتوري والقضاه، 2006).
جدول (1)
إرشادات بشأن المقابلات الشخصية
لا: • تبدأ بالأسئلة الشخصية أو الجدلية.
• تستخدم الأسئلة المحدودة التي تنتهي بالإجابة بنعم أو لا، إلا إذا قضت الحاجة بذلك.
• تستخدم الأسئلة الفظة أو المخادعة أو المصطلحات.
• تقد الشخص الذي تجري معه المقابلة معه كما تقول "إنني أعتقد أنك يجب أن...".
• تشر إلى أي رفض أو صدمة.
• تقلق بشأن الصمت.
قم: • باستخدام الأسئلة مفتوحة الإجابة التي تسمح للمرشحين بالتعبير عن أنفسهم وتوضيح المعرفة.
• بتوجيه السؤال بطريقة بارعة مثل استخدام "لماذا و "ماذا" و "كيف" وما إلى ذلك.
• بطمأنة المرشح المضطرب بالابتسامة والحديث بهدوء.
• بالاستماع إلى المرشح فيما يقرب من ثلثي الوقت.
• بتوجيه مسار حديث المرشح ببراعة للتعرف على النقاط التي تريدها.
• بالانتهاء من نقطة ما وفتح أخرى مع إضافة بعض الملاحظات.
• بالرجوع إلى الأجزاء التي تجنبها المرشح في بداية كلامه.
• بملاحظة سلوك المرشح مثل العصبية والعنف وعلامات التوتر.
• بالبحث عن الأسباب وراء ترك المرشح للمدرسة السابقة التي كان يعمل بها (فالقدرة على عدم التواصل مع الآخرين تعد من أكثر الأسباب وراء عدم الرضا عن أعضاء هيئة التدريس).
• بالتغاضي عن محاباتك للكثير من الأشياء.
• بمنح المرشح فرصة للسؤال عن الوظيفة وإعطاء أي ملاحظات يريدها.
بالتأكد من أن لجنة المقابلة الشخصية لديها بضع دقائق لتعطي انطباعاً عاماً عن المرشح قبل أن تبدأ المقابلة الشخصية التالية.
المصدر: (الترتوري والقضاة، 2006).
المكافآت في التعليم Rewards in Teaching
ذهب هنري آدمز إلى أن المعلمين الراضين عن مهنتهم، أكثر من غيرهم، فقد توصل إلى أن 52.6% من المعلمين راضين عن مهنتهم، ويمكن أن يعودوا مرة أخرى لنفس المهنة، وبالتالي فإن 3/4 المعلمين راضين عن مهنتهم (Zanden, 1980). إلا أن نتائج هذه الدراسة ودراسات أخرى غيرها، في نفس الاتجاه قد لا يجوز تعميمها على البيئات كافة، فقد تكون نتائج هذه الدراسة منسجمة مع واقع المجتمعات الأوروبية، أو في الدول المتقدمة عموماً أكثر منها في المجتمعات النامية.
وفي دراسة أخرى في بوسطن، لوريت (1975) وجد أن المرأة العزباء أكثر تقديراً لعملها من المتزوجة، وكذلك كانت المرأة العزباء أقل رضا من المرأة المتزوجة، بالنسبة للشبان:
1- العديد منهم يسعى إلى ترقيات إدارية.
2- مستوى الرضا لديهم أقل من الرجال الكبار.
ملاحظة:
في دراسة لوريت (1975) سئل المدرسون في ريف فلوريدا عن المكافآت المرتبطة بالتعليم فكانت إجابتهم بأن المكافآت النفسية هي المصدر الرئيسي للرضا عن العمل. وذلك على النحو التالي:
76.5 مكافآت نفسية.
11.9% مكافآت خارجية (راتب، منزلة مرموقة).
11.7 مكافآت ثانوية (الأمن الوظيفي، العطل والإجازات).
صحة المدرسين The health of teachers
في أي مهنة يتم التركيز على صحة الأعضاء العاملين، وخلال العقد الماضي تم التركيز على الروابط الوثيقة التي تربط عمل الناس وصحتهم، وهنا العديد من الأمثلة مثلاً: عمال مناجم الفحم الذين أصيبوا بمرض الرئة الأسود وغيرهم.. لا توجد دراسة شاملة ومعدة بشكل جيد حول صحة المعلمين، ولكن في أحسن الأحوال يمكن أن نأخذ بالدراسة التي أجرتها مجلة (المدرس) بالتعاون مع جمعية (مؤسسة) الصحة المدرسية الأمريكية (ASHA) والتي أجابت على استبانة بلغت عينتها تسعة آلاف معلم، حيث بينت نتائج هذه الدراسة: أن (4.5) يوم من العمل من خلال السنة الدراسية يسبب المرض للمعلمين (الترتوري والقضاه، 2006).
كما أن من الأمور التي تلعب دوراً في صحة المعلمين:
1- حل المشكلات: أصبح للمدرس الدور الرئيسي في حل جميع مشاكل الطلبة.
2- (الغداء): إذ أن 2% يشترون وجبة الغداء من كفتيريا المدرسة والبعض يحضر غداءه والبعض لا يتناول الغداء.
3- بيئة المدرسة بشكل عام حيث كان لدرجة الحرارة في الصفوف أكبر الأثر (الظروف الملائمة الصحية وإمكانات المدرسة).
4- دور المدير الإيجابي في المساعدة على خلق جو ملائم للمدرسين مما يساعد على صحة المعلمين العقلية وهذا ينعكس على النمو العقلي والاجتماعي والانفعالي للطلاب (Zanden, 1980).
أدوات وعُدة النجاة في الأسبوع الأول للمدرس الجديد
أنت مدرس جديد ومتحمس، ولديك الكثير من الأفكار ولكنك تتعرض للمشكلات التي تتعلق غالباً باتجاهات وسلوك الطلاب.
فما العمل...؟
إن إشارات النجاة هذه قام بتجميعها مدرسون مجربون ذوي خبرة ستساعدك على ما يلي (الترتوري والقضاه، 2006):
1- اعتمد على إحساسك بالتوازن: كن مستعداً لتقليل الميل نحو السلوك الخاطئ إلى الحد الأدنى، انتبه لردود فعلك المفرطة.
2- حاول أن تفهم ما الذي يحث سلوك معلم ما بحيث يكون اهتمامك نحو هذا المعلم هو نفسه.
3- ابعد الفشل عنك، قد يبدو تعديل سلوك طالب وعاداته بأنه مستحيل، ولكن لا تسجل انطباعك عنه بأنه فاشل، استمر في التجريب والتفكير وابقِ عبارة (لحد الآن) موجودة، وأنه يمكن الوصول إلى نجاح في النهاية.
4- تكلم عن الأمور الخاصة باهتمام، وذلك بإشارةٍ ما، أو طبطبة، أو كلمة ودودة، أو القليل من النشاط البدني.
5- أكتب الملاحظات المشجعة، أنا فخور بك، استمر في النشاط، كنت تنجز بشكل جيد مؤخراً.
6- ابعد الطفل قليلاً (تغيير المكان) فإن التغير في المناخ له دوره الإيجابي على الطالب.
7- وفر أنفاسك، هل المحاضرة الطويلة كانت مساعدة للطفل وهناك كلمات للاختصار مثلاً: (ذلك خطأ) (توقف عنه).
8- انتقد الفعل، وليس الطفل، وتذكر بأن الصفة تتعلق بالفعل وليس بالطفل مثلاً التلاعب بالحقيقة هذا ليس كذباً.
9- التحضير والتدرج يمنع العديد من المشكلات، عندما يجتمع الأطفال حول نشاط ما فلا يمكن نصيحتهم بنشاط ثان والسماء لن تقع إذا لم يعمل أحد الطلبة واجباته اليومية.
10- استثمر في الوقت: دعونا ننهي قبل أن يداهمنا الوقت.
11- اجعل النشاطات متباينة، كل العمل الذي يتطلب جلوساً يجعل الطلاب يتعبون، اجعل جرس المدرسة يقرع بشكل لطيف في نهاية (الـ خمسة) دقائق كونه إشارة (عودوا إلى مقاعدكم وارجعوا إلى العمل).
12- تحرك المدرس في غرفة الصف يعزز السلوك لدى الطلاب لما يشعر به الطالب من راحة.
13- التوقف عن الدرس وتركه قد يكون فكرة جيدة: وهو نوع من التحضير، وذلك أثناء الحصة وفي لحظة ما تسأل من منكم يريد أن نتوقف الآن؟ وفي هذه اللحظة"؟ وذلك من خلال رفع الأيدي.
14- قم بزيارات منزلية، وذلك للتعرف على الطالب المشاكس في بيته ودراسة حالته، فالطفل في بيته يمكن أن يكون ملهماًَ.
15- تذكير نهائي: استمتع بحصة الأطفال في الصف فذلك يجعلهم يستجيبون لك ويحاولون إرضاءك.
أبرز المشكلات التي تواجه المعلم الجديد
يمكن إجمال أبرز المشكلات التي تواجه المعلم الجديد في المحاور التالية:-
أولاً: مشكلات تتعلق بالطلاب:
وتتمحور أبرز هذه المشكلات في (الترتوري والقضاه، 2006):-
1- أعمال الشغب والسلوكيات غير المنضبطة الصادرة عن الطلاب داخل قاعة الدرس، والتي يعتبر من أبرز مظاهرها عدم احترام المعلم، أو عدم الاستماع إلى شرح الدرس أو إلى نصائحه، والإهمال في أداء الواجبات المنزلية لغياب أساليب الردع.
2- ازدحام الصف بعدد كبير من الطلاب، مما يصعّب من مهمة المعلم في شرح الدرس، أو ضبط النظام داخل الصف.
3- ضعف المستوى العلمي للطلاب بسبب انعدام دافعية التعلم عند كثير منهم. أو بسبب عدم الانضباط في الصف وعدم الاستماع إلى شرح المعلم، أو بسبب إهمال الأسرة وعدم متابعتها للطالب في المنزل، وعدم تواصل الأسرة مع المدرسة بشكل منتظم.
4- عدم وجود نظام ردع مناسب أو قانون يعاقب الطالب المشاغب أو المقصر ويحفظ للمعلم مكانته وهيبته.
5- الإهمال والاستهتار وعدم الاكتراث، واللامبالاة من قبل الطلبة، لعدم تفعيل سياسات الرسوب، وهذا ما يدفع الطلبة إلى عدم الاجتهاد أو الانضباط أو الحرص على تحصيل مستويات تعليمه أعلى.
6- ضعف الدافعية عند قسم كبير من الطلبة للتعلم.
ثانياً : مشكلات تتعلق بالإدارة المدرسية:
1- الخوف من عدم اهتمام الإدارة المدرسية بالمعلم الجديد وعدم تقديم الحوافز المعنوية لعمله ونشاطه.
2- اهتمام الإدارة المدرسية بالنواحي الإدارية الشكلية على حساب اهتمامها بالعملية التربوية، فلا تهتم بأمور المعلم ومساندته في مواجهة الطلبة المشاغبين.
3- المركزية الشديدة التي تنتهجها الإدارة المدرسية في اتخاذ القرارات وتأثير ذلك على دور المعلم في ضبط سلوكيات الطلبة.
4- افتقاد الإدارة المدرسية لصلاحية ردع الطلبة أو المساعدة في دفعه إلى الاهتمام بدروسه (حسن، 1997).
ثالثاً: مشكلات تتعلق بالإشراف والتوجيه:
في دراسة قام بها حسن (1997). تطرق إلى استقصاء أوجه المعاناة التي يلاحظها المعلمون والمعلمات في المدارس القطرية فيما يتعلق بالإشراف والتوجيه المدرسي. ومن أبرز هذه المشكلات:
1- افتقاد بعض الموجهين والمشرفين للعدالة في التعامل مع المعلمين وخاصة المعلمين الجدد قليلي الخبرة في التدريس.
2- بعض المشرفين التربويين لا يؤدون عملهم بروح المشرفين، بل في شخص المفتش الذي يتصيد الأخطاء.
3- يطالب المشرفون المعلمين الجدد بأعمال تفوق قدراتهم وأوقاتهم.
4- مطالبة المعلم الجديد بمهام خارج نطاق العمل المدرسي، في الوقت الذي لا تتوفر فيه إمكانيات التدريس وممارستهم النشاط.
5- عدم منح المعلم الجديد صلاحية تنفيذ طرق تربوية جديدة في التعليم أو تجريب الجديد في مجال التربية.
6- ويرى سليمان وحسن (1990) أن المعلم في عامه الأول من التدريس يشعر بوجود بعض المشكلات الحقيقية أثناء ممارسته لعمله، وفي هذه الفترة الزمنية يمكن للمعلم أن يحدد المشكلات التي تعترضه قبل حدوثها لاحتمالين:
الأول: أنه يتغلب في الأعوام التالية على بعض المشكلات بشكل منفرد أي تصبح لديه الخبرة الكافية لمواجهة مثل هذه المشكلات.
الثاني: أنه ينخرط في الأعوام التالية في الروتين المدرسي السائد أو بمعنى آخر يصبح جزء من هذا الروتين المدرسي اليومي فتكون نظرته مركزة على ما هو كائن لا على ما يجب أن يكون.
ويواجه المعلم المبتدئ عند بدء عمله ما أطلق عليه في الكتابات التربوية بصدمة الواقع أو صدمة الحقيقة The Reality Shock ومن أهم أسبابها كما حددها " فينمان":
1. أسباب شخصية: منها الاختيار الخاطئ لمهنة التدريس، حدوث مواقف غير محتملة، وجود صفات شخصية غير مناسبة.
2. أسباب موقفية: التدريب المهني غير الملائم، وضع المدرسة الصعب (من إدارة بيروقراطية أو تسلطية أو هيئة تدريسية غير ملائمة أو نقص في الخامات والتجهيزات أو عدم وضوح الأهداف التعليمية أو تدخل الوالدين في عمل المدرس)، إعطاء المدرسين الجدد صفوف ضعيفة أو إعطائهم مواد في غير تخصصهم.
3. أسباب أخرى: أنهم يكونون تحت التدريب لمتطلبات عملهم، لا يوجد أسس ومعايير واضحة في تدريب المدرسين، إن السنة الأولى من التدريس تكون بداية تحمل مسؤوليات (البحث عن سكن جديد، تكوين عائلة، تكوين أصدقاء…..)، بعد أن يكون المدرس طالباً حراً، يتحول إلى قيود الحياة المهنية ومسئولياتها (خاطر، 1999).
وقد اهتم العلماء والباحثون بالمعلم المبتدئ ومشكلاته حيث تحدث " أبو الروس" عنها وحصرها كالتالي: مدرس في مدرسة بنات خاصة إذا كان أعزباً، مدرس يتسلم عمله في مدارس ريفية، المدرس ومشكلة الغش، المدرس والصف الرديء( الطلبة المشاغبون)، مواجهة أسئلة لا يعرف إجابتها، المدرس وعلاقته بالناظر وزملاءه العمل (الترتوري والقضاه، 2006).
أما قنديل فحصرها كالتالي: الفجوة بين النظرية والتطبيق، انصراف الطلاب عن الدرس، الأسئلة المحرجة، إنهاء روتينات الدرس، التدريس في وجود زائر، توفير المواد والأجهزة التعليمية( قنديل، 1993).
وحصرتها "خضر" كالتالي: حفظ النظام الناتج عن إدارة صفية ضعيفة، ضعف التدريس سواء في المادة أو الطريقة، التخطيط في إعداد الدرس اليومي، الروتين المدرسي(خاطر، 1999).
وقد قام " ليم وكيلرج"-وهما مهتمان بأمور المعلم والتعليم- بتحديد الأخطاء الشائعة التي يقع فيها المعلمون المبتدئون في المدارس الثانوية وذلك من خلال محادثات أجرياها مع عديد من مديري المدارس الثانوية وكانت كالتالي: يتحدث كثيراً وبسرعة، يحاضر كثيراً مع قلة المناقشات داخل الفصل، يعطي درجة سخية عند تقييمه لإجابات التلميذ على الرغم من أن الإجابة غير كافية، ملابسه غير مهذبة، يسمح للتلميذ بمخالفة القواعد وأنظمة القسم، يسيء في تدريسه للكتاب تاركاً بعض الأجزاء، يهمل في القيام بالأعمال الروتينية وكتابة التقارير، لا يوضح للتلاميذ التعيينات والواجبات، متساهل في السيطرة على الفصل، غير ملم بالنظم المحلية للولاية، لا يتقن مهارة توجيه الأسئلة، أهداف الدرس غير واضحة، كتابته السبورية رديئة، يقضي جزءاً كبيراً من الوقت وراء المنضدة ( خاطر، 1999).
إن المشكلات التي تم سردها يشعر بها المعلم المبتدئ أكثر من غيره من المعلمين ذوي الخبرة وذلك لسببين:-
1.المواجهة الأولى لهذه المشكلات وقلة الخبرة التي تؤهله لحلها.
2. عدم تبصيره بتلك المشكلات سواء من مديري المدارس المستقبلة له أو من خلال عقد دورات تدريبية خاصة قبل الخدمة. ولا يعني ذلك عدم وجود مشكلات أخرى تواجه المعلم المبتدئ، فهي كثيرة ومتعددة وذات اهتمام واسع.
قائمة المراجع
أولاً: المراجع العربية
• آل إبراهيم، إبراهيم عبد الرزاق (1997). نحو خطوات جديدة لتمهيد التعليم، مجلة التربية، ع (121)، سنة (26)، قطر.
• الترتوري، محمد عوض والقضاه، محمد فرحان (2006). المعلم الجديد: دليل المعلم في الإدارة الصفية الفعالة، دار الحامد للطباعة والنشر، عمّان.
• جرادات، عزت وآخرون (1983). التدريس الفعال، ط (4)، دار الفكر للنشر والتوزيع، عمّان.
• حسن، محمد صديق (1997). المعلم القطري وهموم المهنة، مجلة التربية، ع (123)، سنة (26). قطر.
• خاطر، تهاني (1999). مشكلات المعلم المبتدئ في المدارس الحكومية بمحافظات غزة ومقترحات حلولها، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، غزة.
• خصاونة، سامي (1978). المعلم ومهنة التربية والتعليم، مجلة رسالة المعلم، العدد الأول، السنة: (21)،عمّان، الأردن.
• سليمان، ممدوح وحسن، عبد علي (1990). من مشكلات معلم الفصل في عامه الأول إلى تطوير برنامج إعداده بجامعة البحرين، مجلة دراسات تربوية، (ع) 27.
ثانياًً: المراجع الأجنبية
• Fullan, Mr. (1992). The New Meaning of Educational Change, London; Cassell.
• Heilbronn, R. & Jones, C. (1997). The New Teachers In an urban comprehensive school, London; Trent ham Books ltd.
• Jones , C. (1992). Cities Diversity and Education on Colby. (Eds), World Yearbook of Education, London; kogan Page.
• Kaplan L. & Edelfelt . R. (1996). Teachers for the New Millennium, California; Corwinpress.
• Zanden, James (1980). Educational Psychology in theory and practice: Part 3, classroom Management. (Ed).